للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويناقش من أكثر من وجه:

الوجه الأول:

عمدة الاحتجاج في قصر المكي خلف النبي في عرفة ومزدلفة ومنى ليس لوجود نص عن النبي يأمرهم بالقصر، ولا لوجود نص يثبت أنهم قصروا خلفه، وإنما عمدتهم في ذلك: أنه لو أمرهم بالإتمام لنقل، فالدليل عدمي، وقد صلى خلف النبي في عرفة العرفي، وصلى خلفه في مزدلفة المزدلفي، وصلى أهل منى خلفه في منى، وهؤلاء غير مسافرين في أماكن إقامتهم، كصلاة المكي في مكة، فلا يمكن لهم أن يقصروا، فهل نقل أنه أمرهم بالإتمام، أو نقل أنهم أتموا؟

وإذا لم يثبت أن أهل عرفة قد قصروا خلفه نقلًا بالسند الصحيح، ولم يثبت أن النبي أمرهم بالقصر، فالأصل أنهم يتمون؛ لأنهم مقيمون، وما يصدق على أهل عرفة يصدق على أهل مكة ومنى ومزدلفة؛ لأن المسافة بين المشاعر لا يمكن أن تكون مسافة سفر، وقد سبق لي مناقشة هذه المسألة عند الكلام على الشرط الأول من شروط القصر فارجع إليه.

الوجه الثاني:

صح عن ابن عباس أنه قال لعطاء: لا تقصر الصلاة إلى عرفة، ولا إلى منى، ولكن إلى الطائف وإلى جدة (١). وسبق تخريجه.

ومطلقه يشمل المحرم والحلال، والاستدلال به أولى من الاستدلال بالدليل العدمي، أنهم لو أتموا لنقل.

وفتوى ابن عباس لعطاء لا يوجد ما يعارضها من أقوال الصحابة والتابعين وهو متفق مع قول الحنفية والشافعية والحنابلة، والله أعلم.

الدليل الثالث:

قال ابن تيمية: «إن الرجل إذا ضرب في الأرض ثم عاد من يومه فإنه لا يأخذ الزاد والمزاد، فالمسافة القريبة في المدة الطويلة تكون سفرًا، والمسافة البعيدة في المدة


(١) مصنف عبد الرزاق، ط: التأصيل (٤٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>