للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الركعة سوف تفوته حرصًا على إدراك الصف الأول، فلا يصدق عليه هذا الدليل، والله أعلم.

وقيل: إدراك الركعة أفضل من إدراك الصف الأول، وهو مذهب الحنفية.

قال ابن نجيم: «إذا أدرك الإمام راكعًا فشروعه لتحصيل الركعة في الصف الأخير أفضل من وصل الصف الأول مع فوتها» (١).

وهذا هو الصواب؛ لأن إدراك الركعة فضيلة تتعلق في ذات العبادة، وإدراك الصف الأول فضيلة تتعلق بمكانها، وإدراك ما يتعلق بذاتها أولى؛ لأن المكان ليس جزءًا من الماهية، فهو مجرد ظرف.

والدليل على صحة هذه القاعدة قوله : لا صلاة بحضرة طعام.

فقدم الطعام على فضيلتين: الجماعة وأول الوقت، من أجل تفريغ القلب عن كل ما يشغله، أو يذهب بكمال خشوعه؛ لأن الخشوع يتعلق بذات العبادة بخلاف الوقت والجماعة.

ونوقش:

بأننا لو قلنا بتفضيل ما اتصل بالعبادة على ما اتصل بمكانها لساغ للرجل إذا لم يتمكن من التورك في الصف الأول أن يتأخر عن الصف الأول لفضيلة التورك! لكون التورك فضيلةً متصلةً بالعبادة ذاتها، والصف الأول فضيلةٌ متصلةٌ بالمكان، ولم يقل أحد: إنه يشرع التأخر إلى الصف الثاني من أجل التورك.

ولكان القريب من الإمام في الصف الثاني ممن يسمع تلاوته، ويرى أفعاله أفضل من الرجل الذي في طرف الصف الأول ممن لا يسمع قراءة الإمام، ولا يرى أفعاله.

والصلاة جماعة تفضل صلاة الفرد بخمس وعشرين ضعفًا، فإذا صلى في الحرم كان التضعيف بمائة ألف صلاة فيما سواه، فكان صلاته فذًّا في الحرم أكثر مضاعفة من صلاته جماعة في غيره، والجماعة فضيلة تتعلق بذات العبادة، والحرم فضيلة تتعلق بمكانها.


(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ١٣٩)، وانظر: حاشية ابن عابدين (١/ ٥٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>