للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أن تكون إمامة معاذ ؛ لعدم وجود قارئ آخر، فيكون إمام ضرورةٍ، فتجوز معها، ولا تجوز مع غيرها.

وهذا ما أومأ إليه الإمام أحمد ، حيث قال: « .... وإذا ثبت -يعني: حديث معاذ- فله معنى دقيق، لا يجوز فعله اليوم» (١).

قال ابن رجب: «وقد قيل: إن هذا المعنى الذي أشار إليه الإمام أحمد، هو أنه كان في أول الإسلام، وكان من يقرأ القرآن قليلًا، فكان يرخص لهم في ذلك» (٢).

وقال بكر بن العلاء في أحكام القرآن: «وهذا الحديث -يعني حديث معاذ- يدل على أن ذلك كان في أول الهجرة، ومن يحفظ القرآن قليل» (٣).

«وقال المهلب: إنما كان ذلك أول الإسلام لعدم القراء، وإنه لم يكن للقوم عوضٌ من معاذ، ولم يكن لمعاذ عوض من النبي . قال القاضي عياض: فكأن هؤلاء ذهبوا إلى نسخ القصة» (٤).

وتفسير القاضي عياض ليس بلازم، فقد يكون إمام ضرورة، فلو وجدت الضرورة جاز الفعل.

وهذا القول ضعيف جدًّا.

واستغرب ابن حزم كيف ينسب إلى حَيٍّ عظيم من أحياء الأنصار، و حَيٍّ آخر صغير منهم، وهم بنو سلمة، وبنو أَدَى كيف بقوا المدة الطويلة التي ذكرنا بعد إسلامهم، ولم يتعلموا سورة يصلون بها، وهم أهل العربية، والبصائر في الدين، فليعلم أنه كان فيمن يصلي في مسجد بني سلمة الذي كان يؤم فيه معاذ بن جبل ثلاثون عقبيًّا، وثلاثة وأربعون بدريًّا سوى غيرهم، أفما كان في جميع هؤلاء الفضلاء أحد يحسن من القرآن ما يصلي به؟ وكان من جملتهم: جابر بن عبد الله


(١) طبقات الحنابلة (١/ ٩٢).
(٢) فتح الباري (٦/ ٢٤٣).
(٣) أحكام القرآن لبكر بن العلاء، رسالتا دكتوراة بقسم القرآن وعلومه، بكلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود (ص: ١١٩٣).
(٤) إكمال المعلم (٢/ ٣٨٠). وانظر: شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>