قال الله تعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾ [فاطر: ١٩].
فمن سوى بينهما فقد خالف نص الكتاب، وهذا نظير قوله تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٩]، وأجمعنا أنه إذا اجتمع العالم والجاهل قدم العالم، فكذا إذا اجتمع الأعمى والبصير قدم البصير.
فالآية ما سيقت إلا لبيان أن الأعمى أحط رتبة من البصير، فإذا رفعت رتبته على البصير، أو ساويته بالبصير فقد خالفت الكتاب (١).
ونوقش:
وقد ثبت بالسنة إمامة الأعمى، وهذا نص في محل النزاع، فلا يعارض الخاص بالعام.
ولأن الآية ما سيقت لبيان حكم إمامة الأعمى، قال قتادة هذا مَثَلٌ ضربه الله للكافر والمؤمن، يقول: كما لا يستوي هذا وهذا كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن.
كما قال تعالى: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج: ٤٦].
وقال تعالى: ﴿وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٧٩].
فهو يشبه عمى البصيرة بعمى البصر بجامع الظلمة التي تمنع من الرؤية.
الدليل الثاني:
أن البصير يتجنب النجاسة، ويستقبل القبلة بالمشاهدة، والأعمى مقلد.
ويناقش:
الأعمى مكلف شرعًا بتجنب النجاسة، ولو كانت لا تدخل تحت قدرته لم يكلف بذلك، والأصل عدم تنجسه، وإذا تيقن الأعمى طهارة ملابسه لم تتنجس بمجرد الشك، ولو كان مثل هذا الشك يقدح في إمامة الأعمى لم يكلف النبي ﷺ ابن