للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

على فرض ثبوت (أقرؤهم أبي بن كعب) (١).

الجواب الثاني:

حين قدم النبي أبا بكر ليصلي بالناس دلَّ ذلك على أحد ثلاثة أمور:

الأمر الأول: أن يكون أراد بذلك التنبيه إلى أحقيته بالخلافة، بالإيماء، وليس بالنص، حتى قال بعض الصحابة: رضينا لدنيانا من رضيه رسول الله لديننا، وهذا هو رأي الإمام أحمد، ونائب الإمام في الصلاة حكمه حكم الإمام، لا يشترط في تقديمه أن يكون الأقرأ.

قال الخلال: «أخبرني محمد بن علي، قال: حدثنا الأثرم، قال: قلت لأبي عبد الله: حديث النبي : (قدموا أبا بكر يصلي بالناس)، هو خلاف حديث أبي مسعود عن النبي : (يؤم القوم أقرؤهم).

فقال يعني الإمام أحمد: إنما قوله لأبي بكر عندي يصلي بالناس للخلافة، إنما أراد الخلافة بذلك، وقد كان لأبي بكر فضل بيِّن على غيره، وإنما الأمر في القراءة، فأما أبو بكر، فإنما أراد به الخلافة، ثم قال أبو عبد الله: ألا ترى أن سالمًا مولى أبي حذيفة كان مع خيار أصحاب رسول الله ، فكان يؤمهم؛ لأنه جمع القرآن، وحديث عمرو بن سلمة أمهم للقرآن» (٢).

الأمر الثاني: أن يكون ذلك دليلًا على أن أبا بكر أجود الصحابة قراءة؛ لأنه تطبيق عملي لحديث أبي مسعود: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)، فلا يتصور أن النبي يشرع للأمة بتقديم الأقرأ، ثم يخالف ذلك، وحديث: (أقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب) مرسل، فلا حجة فيه، ولا يستغرب أن يحوز أبو بكر هذه الفضيلة، فقد كان سباقًا للمكرمات مسارعًا في الخيرات حتى كان أفضل الأمة، بل وأفضل الناس بعد الرسل والأنبياء.

(ح-٣١٧٧) روى مسلم من طريق أبي حازم الأشجعي،

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : من أصبح منكم اليوم صائمًا؟ قال


(١) انظر: فتح الباري (٢/ ١٧١).
(٢) السنة لأبي بكر الخلال (٣٦٧)، وانظر: فتح الباري لابن رجب (٦/ ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>