للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولهذا فرق المالكية بين إمامة الأمي، وبين إمامة اللحان فمنعوا الأول، واختلفوا في إمامة الثاني، والمعتمد صحة إمامته، ولو كان لحنه يحيل المعنى، كما سيأتي بيانه عند ذكر الخلاف في حكم إمامة اللحان إن شاء الله تعالى.

وقيل: الأمي من يخل بحرف أو تشديدة من الفاتحة، ومنه أرت وألثغ، وهذا مذهب الشافعية (١).

والأرت: من يدغم في غير موضعه، والألثغ: من يبدل حرفًا بحرف.

وهذا يعني أنه لو حفظ جميع القرآن حتى الفاتحة إلا تشديدة منها فهو أمي عند الشافعية.

وفرق الشافعية بين زيادة الشدة وبين نقصها، فإذا شدد مخففًا فقد جاء بجميع حروف الفاتحة، إلا أنه أساء بالزيادة عليها، ولم تبطل صلاته، مع أنه لحن، وأما إن خفف حرفًا مشددًا من الفاتحة فإنه قد نقص منها، فلم يأت بالركن على وجهه، فإن كان عاجزًا عن الإتيان بالحرف مشددًا كان أمِّيًّا (٢).

وللحنابلة قولان في الأمي:

الأول: قال الزركشي: «الأمي في عرف الفقهاء: هو من لا يحسن فرض الفاتحة إن قيل بركنيتها، وإن قيل: الفرض آية، فالأمي: من لا يحسن آية» (٣).

ونفي الإحسان في فرض الفاتحة فيه إجمال، فإن قصد بقوله: (لا يحسن الفاتحة) أي لا يحفظها، فهو متفق مع المالكية.

والثاني: وهو المشهور: أن الأمي: هو من لا يحسن الفاتحة: أي: لا يحفظها، أو يدغم فيها ما لا يدغم، وهو الأرت، أو يبدل منها حرفًا لا يبدل كإبدال الراء غينًا،


(١) عرف النووي الأمي في المنهاج (ص: ٣٩): وهو من يخل بحرف أو تشديدة من الفاتحة. وقال الخطيب في مغني المحتاج (١/ ٤٨٠) في تعريف الأمي، فقال: «أصله لغة لمن لا يكتب، استعمله الفقهاء مجازًا في قولهم: وهو من يخل بحرف ظاهر، بأن عجز عن إخراجه من مخرجه، أو تشديدة من الفاتحة».
وانظر: تحفة المحتاج (٢/ ٢٨٥)، تحرير الفتاوى (١/ ٣٣٦)، نهاية المحتاج (٢/ ١٦٩).
(٢) مغني المحتاج (١/ ٣٥٥)، والشربيني في الإقناع (١/ ١٣٤)، والمجموع (٣/ ٣٩٢)، روضة الطالبين (١/ ٢٤٢)، أسنى المطالب (١/ ١٥٠، ١٥١).
(٣) شرح الزركشي (٢/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>