للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولذلك ذكر في أسنى المطالب: أن الخوف على خبزه في التنور أو على طبيخه في القدر على النار ولا متعهد يخلفه أن ذلك عذر في التخلف عن الجماعة، قال الزركشي: هذا إذا لم يقصد بذلك إسقاط الجمعة، وإلا فليس بعذر، ولو وقع ذلك يوم الجمعة حرم عليه كالسفر يومها (١).

وروى ابن وهب عن مالك أنه قال: «من أكل الثوم يوم الجمعة لا أرى له أن يشهد الجمعة في المسجد، ولا في رحابه، وبئس ما صنع حين أكل الثوم، وهو من أهل الجمعة» (٢).

فالإمام مالك في هذه الرواية جعل أكل الثوم ونحوه مانعًا من صلاة الجمعة في المسجد ورحابه. ولم يتكلم عن سقوط الجمعة، وهذا نص في تحريم دخول المسجد.

وهل له أن يصلي في فناء المسجد حيث منع من الصلاة فيه وفي رحابه؟ علمًا أن المالكية في المعتمد يمنعون من صلاة الجمعة بالأفنية في حال الاختيار وسعة الجامع.

في هذه المسألة لهم قولان:

قيل: يصلي في فناء المسجد، ولا يصلي فيه، ولا في رحابه، اختاره ابن شعبان؛ لكونه ممنوعًا من الدخول إلى الجامع شرعًا، فأشبه من صلّى بالفناء، وقد ضاق المسجد عنه، وقد يجوز لصاحب العذر ما لا يجوز لغيره (٣).

وقيل: يصليها ظهرًا، وهو اختيار خليل في مختصره حيث عد ذلك عذرًا في التخلف عن الجمعة، وأطلق الخلاف المازري، ولم يجزم بشيء (٤).


(١) انظر: أسنى المطالب (١/ ٢١٤)، وانظر: المجموع (٤/ ٢٠٥)، التدريب في الفقه الشافعي (١/ ٢٣٤)، تحرير الفتاوى (١/ ٣٣١).
(٢) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٣٩٠)، مواهب الجليل (٢/ ١٨٤)، المنتقى (١/ ٣٢).
(٣) التاج والإكليل (٢/ ٥٥٨).
(٤) جاء في شرح التلقين (١/ ١٠٣٣): «وفي مختصر ابن شعبان، قال مالك: من أكل ثومًا لا يدخل المسجد ولا رحابه يشهد فيها الجمعة.
فأنت ترى كيف أشار إلى اجتناب الإضرار بالناس خاصة، أو اجتناب هتك حرمة المسجد بالروائح المنتنة، دون أن يشير لسقوط الجمعة. وهذا هو المعنى الذي قلناه، على أنه إنما يبقى النظر فيما قاله في أكل الثوم إذا مُنع من دخول المسجد ورحابه، هل تكون صلاته بالفناء مع اتساع الجامع لدخوله تجزيه عند من رأى أن الصلاة بالأفنية اختيارًا مع سعة الجامع
لا تجزي في الجمعة؛ لكون هذا ممنوعًا من الدخول إلى الجامع شرعًا؟ فأشبه من صلّى بالفناء، وقد ضاق المسجد عنه. أو يكون عند هؤلاء في صلاته فساد؛ لسعة الجامع إياه، وإن كان قد طرده الشرع عنه. وهذا مما ينظر فيه».

<<  <  ج: ص:  >  >>