للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعلى أقل الأحوال أن يكون التحري من قبيل المشترك اللفظي، فيطلق على القصد، ويطلق على طلب أرجح الأمرين، وحديث أبي سعيد الخدري يدل على ترجيح قصد اليقين، فتعين الأخذ به، ولو كان يقصد بالتحري طلب الظن، لما جاء حديث أبي سعيد مطلقًا بطرح الشك، فإن قوله: (فليطرح الشك … ) (أل) في الشك للعموم، سواء أكان معه ظن أم لا، فحمل أحد الحديثين على الآخر أولى من افتراض تعارضهما، ثم تطلب الجمع بينهما هذا على فرض أن يكون لفظ التحري محفوظًا.

•ويناقش:

بأن الرواة على منصور قد اختلفوا في ضبط هذا الحرف، فتأويل التحري بالقصد إن سُلِّم في رواية: (فليتحرَّ الصواب)، وهذا لفظ الصحيحين، فلا يسلم على الرواية الأخرى: (فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب) وهي رواية عند مسلم.

وأحرى: بمعنى أقرب، وهذا يشير إلى الأخذ بالظن، وقد جاء هذا المعنى منصوصًا عليه في رواية: (فليتحرَّ أقرب ذلك من الصواب).

فاستخدام أفعل التفضيل، وترك الأمر إلى نظر المصلي، كما يدل عليه لفظ: (فلينظر أحرى) يدل على أن المعنى: أن يجتهد المصلي في تحديد أقرب الأمرين، وهو الأخذ بما غلب على ظنه، ومال إليه قلبه.

فالصحيحان قد اتفقا على لفظ (فليتحرَّ الصواب)، وانفرد مسلم بلفظ: (فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب)، فإن حملنا أحد اللفظين على الآخر، فسر التحري باستعمال الظن، وإن رجحنا (فليتحرَّ الصواب) وفسرناه بمعنى: فليقصد إلى الصواب، صار لفظ: (فلينظر أحرى) خطأ من الراوي، ودفع الخطأ عن الراوي أولى من توهيمه، والله أعلم.

• ويجاب:

بأن الواقعة واحدة، والنبي قد قال أحد اللفظين، وليس أحد اللفظين بأولى من الآخر، فقد يكون هذا الاختلاف من قبل منصور، لا من الرواة عنه، وهو يدل على عدم ضبطه لهذا الحرف، وليس هذا هو الاختلاف الوحيد عليه في هذا الحديث، فقد اضطرب منصور في الشك (أزاد أم نقص) والواقع أنه قد زاد جزمًا، ولو ثبت أنه نقص لما اكتفى بالسجود، كما جاء ذلك نصًّا في رواية الحكم

<<  <  ج: ص:  >  >>