للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وإذا ثبت إطلاق الأذان على الإقامة، دخلت الإقامة في عموم قوله : إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول.

قال ابن رجب: «وقوله : (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن) يدخل فيه الأذان والإقامة؛ لأن كلًّا منهما نداء إلى الصلاة صدر من المؤذن» (١).

* ونوقش هذا الاستدلال من وجوه:

الوجه الأول:

أن إطلاق الأذان على الإقامة إنما يصح إذا ذكرت الإقامة مع الأذان، وذلك تغليبًا للأذان، ولا يعرف إطلاق الأذان على الإقامة على وجه الاستقلال، كما يقال: القمران: للشمس والقمر، ولا يطلق القمر على الشمس من باب الاستقلال، وكما يقال: الأبوان: للأب والأم، وهكذا.

الوجه الثاني:

أن التعليم المفصل من النبي -في الرواية المفصلة كحديث عمر بن الخطاب ، وحديث معاوية، وغيرهما لا تذكر إلا الأذان، والله أعلم.

قال الشيخ بكر أبو زيد في تصحيح الدعاء: «لا يعرف حديث صحيح صريح في أن من سمع المؤذن يقيم الصلاة يجيبه كما ثبت ذلك لمن سمع المؤذن، ودخول إجابة الإقامة في عموم أحاديث إجابة الأذان لا يسلم به؛ لأن التعليم المفصل من النبي في الرواية المفصلة لا ينطبق إلا على إجابة المؤذن في الأذان».

الوجه الثالث:

أن الإقامة تتكرر في عهد التشريع، ولم يُنْقَل لنا آثارٌ عن الصحابة أنهم كانوا يجيبون الإقامة بمثل ما يقولونه في إجابة الأذان، ولو فعلوه لَنُقِلَ إلينا، ولا شك أن فهم الصحابة مقدم على فهم غيرهم، والله أعلم.

(ث-٦٨) وأما ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف من طريق سعيد، عن قتادة،

أن عثمان كان إذا سمع المؤذن قال: قد قامت الصلاة، قال: مرحبًا بالقائلين


(١) فتح الباري (٤/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>