للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والسجود؛ ولأن كل حرف من الفاتحة ركن منها، وترك التشديدة كترك الحرف، ويسجد للسهو فيما إذا تغير المعنى بما سها به؛ لأن ما أبطل عمده سجد لسهوه، وإن لم يذكر حتى خرج من الصلاة وتطاول ذلك، أعاد الصلاة (١).

وقال الحنابلة: إن ترك غير مأموم حرفًا واحدًا كما لو ترك واحدة من تشديداتها، فإن كان قريبًا منها، أعاد الكلمة التي ترك وصحت صلاته، كمن نطق بالكلمة على غير الصواب، ثم أتى بها على وجهها، فإن فات محلها، وبعد عنه، بحيث يخل بالموالاة، أو فارق القيام لزمه الرجوع إليه، واستئناف الفاتحة، لتركه حرفًا منها؛ لأن الحرف المشدد أقيم مقام حرفين، ما لم يشرع في قراءة الركعة الثانية، فإن شرع في قراءة الركعة الثانية بطلت الركعة السابقة، وقامت الركعة التي تليها مقامها، فإن لينها، ولم يحققها على الكمال فلا إعادة قولًا واحدًا في المذهب (٢).

وأما الحنفية فلا تتنزل هذه المسألة على مذهبهم؛ لأن الفرض عندهم لا يتعين في الفاتحة، فالركن عندهم قراءة ما تيسر من القرآن.

فكان الخلاف بين الجمهور: هل الفاتحة ركن واحد، أو كل حرف منها يعتبر ركنًا؟

وهل هي ركن في جميع الصلاة، أو في أكثر الركعات، سنة في الأقل.

فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنها ركن في كل ركعة، وأن ترك الحرف من الفاتحة، ولو كان شدة بمنزلة ترك الركن من الصلاة؛ لأن الفاتحة إذا كانت ركنًا من الصلاة فترك جزء من الركن كترك الركن، عمده يبطل الصلاة، وسهوه يوجب


(١) قال أبو شجاع في تقويم النظر (١/ ٢٨٥): «نص الشافعي أنه من ترك حرفًا في فاتحة الكتاب متعمدًا بطلت صلاته».
التهذيب للبغوي (٢/ ٩٦)، تحفة المحتاج مع حواشي الشرواني (٢/ ٣٦، ٤٠)، نهاية المحتاج مع حاشية الشبراملسي (١/ ٤٨٠)، بحر المذهب للروياني (٢/ ١٧٦)، مختصر المزني (ص: ١١١)، الحاوي الكبير (٢/ ١٠٩، ٢٣٥)، نهاية المطلب (٢/ ١٣٩)، الوسيط (٢/ ١١٥)، مغني المحتاج (١/ ٣٥٥)، فتح القريب المجيب (ص: ٧٦)، روضة الطالبين (١/ ٢٤٢، ٢٤٤).
(٢) حاشية الخلوتي على منتهى الإرادات (١/ ٢٩٤)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٨٨، ١٨٩)، كشاف القناع (١/ ٣٣٧، ٣٣٨)، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (١/ ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>