للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال أبو يوسف: قول: (آه) لا يفسد صلاته في الحالين، سواء أكان من ذكر الجنة والنار، أومن وجع أو مصيبة، وإذا قال: (أوَّه) فسدت.

وجه قول أبي يوسف: أن الكلمة إن استعملت على حرفين زائدين أو أحدهما زائد لا تفسد، ولو كانا أصليين أفسدت، أما لو زادت على الحرفين أفسد على كل حال (١).

قال ابن نجيم: «محل الخلاف فيما إذا أمكن الامتناع عنه، أما ما لا يمكن الامتناع عنه فلا يفسد عند الكل كالمريض إذا لم يملك نفسه من الأنين والتأوه؛ لأنه حينئذ كالعطاس والجشاء إذا حصل بهما حروف» (٢).

القول الثاني: مذهب المالكية:

قال المالكية: إن كان البكاء أو الأنين اختيارًا بطلت صلاته مطلقًا، وإن كان غلبة، فإن كان الأنين لوجع أو كان البكاء لخشوع لم تبطل صلاته، وظاهره ولو كان ذلك كثيرًا، وإن كان الأنين لغير وجع، والبكاء لغير تخشع كما لو كان لمصيبة أو وجع كان بمنزلة الكلام، عمده يبطل، ولو قَلَّ، وسهوه: يبطل إن كثر، وإن قَلَّ جُبِر بسجود السهو (٣).


(١) العناية شرح الهداية (١/ ٣٩٧)، النهر الفائق (١/ ٢٦٧، ٢٦٨).
(٢) البحر الرائق (٢/ ٤)، وانظر: حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: ٣٢٥).
وجاء في تبيين الحقائق (١/ ١٥٦): «إن كان بعذر بأن كان مدفوعًا إليه لا تفسد؛ لعدم إمكان الاحتراز عنه، وكذا الأنين والتأوه إذا كان بعذر بأن كان مريضًا لا يملك نفسه».
وجاء في الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (١/ ٦٥): «وعن أبي يوسف: الأنين من الوجع إن كان يمكنه الامتناع منه قطع الصلاة وإلا فلا. وعن محمد: إن كان المرض خفيفًا يقطع الصلاة وإلا فلا».
وانظر: الدر المختار شرح تنوير الأبصار (ص: ٨٥)، حاشية ابن عابدين (١/ ٦١٩)، مجمع الأنهر (١/ ١١٨).
(٣) قال خليل في مختصره (ص: ٣٦): «ولا لجائز … كأنين لوجع وبكاء تخشع وإلا فكالكلام». قال الدسوقي في حاشيته (١/ ٢٨٤): «قوله: (كأنين لوجع) أي كأنين غلبه لأجل وجع، وبكاء غلبه لأجل خشوع، وظاهره قليلًا كان أو كثيرًا».
وقول خليل (وإلا فكالكلام)، قال الخرشي: «وإلا بِأَنْ أَنَّ لغير وجع، أو بكى لغير الخشوع كمصيبة أو وجع فكالكلام يفرق بين عمده وسهوه وكثيره وقليله».
قال سند كما في التاج والإكليل (٢/ ٣١٦): «اتفق الناس على أن البكاء بصوت مبطل إن كان من مصيبة أو وجع».
وجاء في حاشية عبد الباقي الزرقاني على خليل (١/ ٤٣٤): «وما بصوت يبطل، كان لتخشع أو مصيبة إن كان اختيارًا، فإن كان غلبة لم يبطل إن كان لتخشع، كما قال المصنف، وظاهره ولو كثر وإن كان لغيره أبطل». والنص نفسه في حاشية العدوي على كفاية الطالب (١/ ٣٣١).
وظاهر إطلاقهما أنه إن كان لوجع أو مصيبة أبطل مطلقًا، وليس كذلك.
جاء في حاشية الخرشي (١/ ٣٢٥): «البكاء المسموع إذا كان لا يتعلق بالصلاة والخشوع يلحق بالكلام، فيبطل عمده، ويسجد لسهوه، وإن كان من باب الخشوع فلا شيء فيه إذا كان غلبة».
وقوله: (ويسجد لسهوه) يقيد ما لم يكثر، فيبطل؛ لأننا جعلناه بمنزلة الكلام.
قال الدردير في الشرح الصغير ط الحلبي (١/ ١٢٨): «(وإلا) يكن الأنين لوجع ولا البكاء لخشوع (فكالكلام) يبطل عمده ولو قَلَّ، وسهوه إن كثر».
وانظر: الثمر الداني شرح رسالة القيرواني (ص: ١٨٨)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٢٨٤)، الفواكه الدواني (١/ ٢٢٩)، تحبير المختصر (١/ ٣٥٢)، التاج والإكليل (٢/ ٣١٦)،، شرح الزرقاني على خليل (١/ ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>