بل ولا تبطل الركعة، وظاهره يدل على أن الرجوع إلى الركوع على سبيل الاستحباب، وليس على سبيل الوجوب؛ لأن ذلك لوكان واجبًا لم يطلب منه أن يمكث قدر ما سبق به الإمام، بل إن كان قد اطمأن في الركوع الأول فيكفيه مجرد العود ليرفع بعد إمامه، وإن كان لم يطمئن في الركوع الأول مكث في ركوعه الثاني قدر الفرض، وربما لو مكث مقدار ما مكث الإمام لسجد الإمام قبل أن يشاركه في الرفع، فتقع المخالفة بأكثر من ركن، والله أعلم.
الوجه الثاني:
أن المنهي عنه هو مسابقة الإمام، ورجوعه إلى الركوع لا يرفع مفسدة المخالفة بعد وقوعها، والمطلوب مشاركة الإمام في الركن وقد حصل، وسبقه ببعض الركن لا يؤثر على صحة صلاته؛ لكون المخالفة يسيرة، وإن كان منهيًّا عنها، فإذا لحقه الإمام في الرفع من الركوع كان أشبه ما لو رفع مع إمامه، ولأن السبق اليسير يقع كثيرًا، فلا حاجة إلى مخالفة الإمام مرة أخرى، والعود إلى الركوع، والله أعلم.
• دليل من قال: إن تعمد سن له الرجوع، وإن كان ساهيًا تخير:
لما كان الساهي معذورًا في مسابقته للإمام كان بالخيار بين العود وعدمه؛ لعدم فحش المخالفة، بخلاف من تعمد مسابقة الإمام، فإنه غير معذور في تفويت المتابعة، فسن له العود لتحقيق المتابعة.
•ويناقش:
بأنه لو عكس لكان أصح، فالساهي لم يقصد مسابقة الإمام فكان رفعه خطأ ولا اعتداد بالخطأ، فسن له العود، بخلاف المتعمد فإنه قد سبق إمامه عالمًا متعمدًا، وتلبس بالركن الذي يليه عن قصد، وقد حصلت مفسدة المسابقة، ورجوعه لن يرفع هذه المفسدة، فلا يشرع له العود.
• دليل من قال: يعود إذا سبق الإمام في الرفع، ولا يعود إذا سبقه بالخفض:
(ح-٢٣٢٤) ما رواه البخاري ومسلم من طريق شعبة، عن محمد بن زياد،
سمعت أبا هريرة، عن النبي ﷺ قال: أما يخشى أحدكم -أو: لا يخشى