للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والسبيل في الأحاديث المتعارضة هو الجمع بينها إن أمكن بلا تكلف أو الترجيح.

فقال أصحاب الترجيح: ما في الصحيحين مقدم على غيرهما.

وقال أصحاب الجمع: إن معنى (كبَّر) أي أراد أن يكبر، كما في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل: ٨٩]، أي: إذا أردت قراءته.

وقال تعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ﴾ [الطلاق: ٢] ولا إمساك بعد انقضاء العدة، فالمراد: إذا قاربت البلوغ.

وحديث أنس كان النبي : إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث. متفق عليه (١). أي: إذا أراد دخوله.

وممن ذهب إلى ذلك الطحاوي في شرح مشكل الآثار، والقاضي عياض في إكمال المعلم (٢).

وقد نقل ابن رجب في الفتح ما يدل على أن الإمام أحمد يومئ إلى ترجيح رواية أبي سلمة، عن أبي هريرة، وأنه لم يكن كبَّر (٣).

ولا يصح دعوى التعارض إلا مع إثبات أن الواقعة واحدة، وأما مع القول بتعدد الوقائع، كما رجح ذلك ابن حبان، والنووي وأبداه القرطبي احتمالًا (٤)، فلا حاجة إلى الترجيح أو التأويل، وقد يقال: الأصل عدم التعدد، وإذا أمكن الجمع فهو أولى من افتراض التعدد.


(١) البخاري (١٤٢)، ومسلم (١٢٢ - ٣٧٥).
(٢) شرح مشكل الآثار (٢/ ٨٩)، إكمال المعلم (٢/ ٥٥٩).
(٣) جاء في فتح الباري لابن رجب (٥/ ٤٣٠): «قال الحسن بن ثواب: قيل لأبي عبد الله -يعني: أحمد بن حنبل- وأنا أسمع: النبي حين أومأ إليهم: أن امكثوا، فدخل فتوضأ، ثم خرج، أكان كبر؟ فقال: يروى أنه كبر، وحديث أبي سلمة لما أخذ القوم أماكنهم من الصف، قال لهم: امكثوا، ثم خرج، فكبر.
قال ابن رجب: فبين أحمد أن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة يدل على أنه لم يكن كبر، وأما قوله: (يروى أنه كبر) فيدل على أن ذلك قد روي، وأنه مخالف لحديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، وأن حديث أبي سلمة أصح، وعليه العمل».
(٤) صحيح ابن حبان (٦/ ٨)، المجموع (٤/ ٢٦١)، التوضيح شرح الجامع الصحيح (٤/ ٦٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>