للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أحدها، جاء بلفظ: (لم يقعد إلا مقدار ما يقول: … ). وهذا لفظ أبي معاوية، ومروان بن معاوية، ويزيد بن هارون، وعبد الواحد بن زياد، كلهم عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة (١).

وهذا اللفظ يحتمل: أن عائشة أرادت تقدير وقت المكث، بمقدار قول الرجل هذا الذكر، فلا يتعين أنه كان يقول هذا الذكر بعينه، ولذلك لم تذكر الاستغفار ثلاثًا، مع أن حديث ثوبان ربط الاستغفار بهذا الذكر.

قال ابن الهمام: «قولها لم يقعد إلا مقدار ما يقول، وذلك لا يستلزم سنية أن يقول ذلك بعينه في دبر كل صلاة؛ إذ لم تقل: حتى يقول، أو إلى أن يقول، فيجوز كونه كان مرة يقوله، ومرة يقول غيره مما ذكرنا من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلخ، وما ضم إليه في بعض الروايات مما ذكرنا من قوله: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله إلخ، ومقتضى العبارة حينئذٍ أن السنة أن يفصل بذكر قدر ذلك، وذلك يكون تقريبًا، فقد يزيد قليلًا، وقد ينقص قليلًا، وقد يدرج، وقد يرتل» (٢).

ويحتمل حديث عائشة : أنها أرادت أن النبي يقول هذا الذكر بعينه، قبل أن يقوم، لا قدره من غيره.

وبهذا رواه ثابت بن يزيد الأحول عن عاصم الأحول به، ولفظه: (ما كان رسول الله ينتظر إذا سلم من الصلاة، إلا أن يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام) (٣).

وهذا اللفظ الثاني يرفع الاحتمال عن اللفظ الأول، وليس معارضًا له.

وأما اللفظ الثالث: فقد رواه الثوري وشعبة، وجرير، عن عاصم بن سليمان به، بلفظ: أن النبي كان يقول إذا سلم: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام.

وهذا اللفظ مطلق، لم يقيد بمقدار اللبث بعد الصلاة قبل أن يقوم.


(١) وسوف يأتي تخريجها بعد قليل إن شاء الله تعالى.
(٢) فتح القدير لابن الهمام (١/ ٤٤٠).
(٣) مسند أبي داود الطيالسي (١٦٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>