للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

القول الثالث:

يقدم من يختاره جيران المسجد أو أكثرهم، فإن تساووا أقرع بينهم، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة (١).

* وأما الحجة في تقديم اختيار الجيران على القرعة:

فقد بنوا حكمهم هذا بالقياس على الإمامة، فإنهم لو تَشَاحُّوا في الإمامة، وتساووا في الصفات، ورضي الجيران أحدهما، قدم على الآخر، ولا يذهبان إلى القرعة؛ لأن ذلك أقرب لرضاهم، وانتظام أمرهم، فكذلك الأذان.

* وأما الحجة في تقديم أحدهما بالقرعة، ولا يشرع ترتبهما:

(ح-١٨٧) ما رواه الشيخان من طريق مالك، عن سُمَيِّ، عن أبي صالح،

عن أبي هريرة: أن رسول الله -قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه (٢).

فلو كان السبيل أن يؤذنوا واحدًا بعد واحد لكان ذكر الاستهام في الحديث لغوًا لا فائدة منه.

وقال ابن عبد البر: هذا موضع لا أعرف فيه سنة ثابتة، ولا قولًا صحيحًا يعني الاستهام في الأذان عند التشَاحِّ.

وأما حديث: (لو يعلم الناس ما في النداء، والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا). متفق عليه. فالهاء في قوله: (عليه) عائدة على الصف الأول، لا على النداء، وحق الكلام أن يرجع الضمير إلى أقرب مذكور، ولا يرد إلى غير ذلك إلا بدليل (٣).

* ورد هذا:

لو قيل الضمير يرجع إلى أقرب مذكور لم يكن هناك أي فائدة من ذكر الأذان


(١) فتح الباري لابن رجب (٥/ ٢٨٩)، الكافي لابن قدامة (١/ ٢٠٨)، المغني (١/ ٣١١)، كشاف القناع (١/ ٢٣٥)، مطالب أولي النهى (١/ ٢٧٩)، المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (١/ ١١٤).
(٢) صحيح البخاري (٦١٥)، وصحيح مسلم (٤٣٧).
(٣) الاستذكار (١/ ٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>