أن هذا العموم أو الإطلاق الذي في حديث مالك بن الحويرث مخصوص ومقيد بالأحاديث الأخرى التي رواها أبو هريرة وأنس وأبو موسى، وغيرهم وقد ذكرتها في أدلة القول الأول، والتي تقول:(إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد)، والخاص مقدم على العام؛ لأن العام دلالته على مسألة النزاع ظنية، والأحاديث الخاصة في موضع النزاع دلالتها على مسألة الخلاف قطعية، فلا يقدم العام على الخاص باتفاق جمهور أهل الأصول.
الوجه الثاني:
أن أذكار الصلاة التي كان النبي ﷺ لا يجهر بها من التسبيح، والتحميد، والتشهد، لن يدركها مالك بن الحويرث ورفقته بمجرد الرؤية البصرية لأفعال صلاة النبي ﷺ، فإما أن يكون مالك ورفقته لا يفعلونها، ويكتفون بالأفعال فقط التي وقع عليها بصرهم، ولا أظن ذلك، لأن ذلك نقص في صلاتهم، وصلاة من وراءهم ممن يتعلم منهم.
وإما أن يكونوا قد تعلموها عن طريق التفقه خارج الصلاة مدة إقامتهم والتي بلغت عشرين يومًا؛ وهذا هو الراجح، لأنه لا سبيل إلى الوقوف عليها من الرؤية البصرية لصلاة النبي ﷺ؛ لكونه لا يجهر بها، كما أخذ الصحابة قراءة النبي ﷺ في الصلاة السرية من اضطراب لحيته ﵊، فكذلك يقال: من جملة ما تعلموه خارج الصلاة: أن التسميع من الأحكام الخاصة بالإمام والمنفرد، وأن التحميد من الأفعال المشروعة للجميع، فيكون معنى قوله:(كما رأيتموني) رؤية بصرية فيما يدرك بالرؤية، ورؤية علمية فيما لم يدرك بالرؤية البصرية مما علموه من صلاة النبي ﷺ مدة إقامتهم.
الدليل الثاني:
(ح-١٧٤٠) ما رواه الدارقطني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثنا أحمد بن الحسين بن سعيد، حدثنا أبي حدثنا سعيد بن عثمان الخزاز، حدثنا