للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال ابن الجزري: «الذي عليه ا لجمهور أنه لا يجب القطع بذلك؛ إذ ليس ذلك مما وجب علينا أن يكون العلم به في النفي والإثبات قطعيًّا، وهذا هو الصحيح عندنا، وإليه أشار مكي بقوله: ولبئس ما صنع إذا جحده، وذهب بعض أهل الكلام إلى وجوب القطع بنفيه» (١).

قال الإمام أحمد فيما نقل عنه المروذي: قراءة العامة أعجب إليَّ، وإن قرأ بقراءة ابن مسعود لا أقول يعيد (٢).

فلم يتجرأ الإمام أحمد على إبطال صلاته؛ لعدم القطع بالمبطل.

الوجه الثاني:

أن هناك فرقًا بين القرآن والقراءة على القول الصحيح، فكل قرآن قراءة، وليس كل قراءة قرآنًا، فكانت القسمة ثلاثة.

القسم الأول: ما اجتمعت فيه أركان القراءة الصحيحة السابق ذكرها بأن صح سندها، ووافقت العربية ورسم المصحف: فهي قراءة صحيحة، ويقرأ بها أيضًا، فكانت قرآنًا.

والقسم الثاني: لا يعتبر قراءة، ولا يقرأ به، وهو ما لم يصح سنده.

والقسم الثالث: ما ثبت قراءة، ولا يقطع بكونه قرآنًا، وهو ما صح سنده، وصح وجهه في العربية، وخالف رسم المصحف.

فإن قيل: كيف يكون قراءة، ولا يقطع بكونه قرآنًا؟

فالجواب: أنه لما خالف رسم المصاحف العثمانية لم نقطع بكونه قرآنًا؛ لعدم إجماع الصحابة عليه، كما أننا لا نقطع بأنه ليس قرآنًا، فقد يكون قرآنًا سمعه الصحابي من النبي ، وكان النبي قد قرأ به، إلا أن القرآن لا يثبت بالاحتمال، فيثبت قراءة، ولا يقرأ به؛ لعدم القطع بقرآنيته، ويستفاد منه في الأحكام والتفسير (٣)، والله أعلم.

ويقول الزركشي في البرهان: «اعْلَمْ أن القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان، فالقرآن: هو الوحي المنزل على محمد للبيان والإعجاز، والقراءات: اختلاف


(١) المرجع السابق، الصفحة نفسها.
(٢) انظر: تهذيب الأجوبة (ص: ٣٠٨) نقلًا من الجامع لعلوم الإمام أحمد، الفقه (٦/ ٣٥٣).
(٣) انظر: النشر في القراءات العشر (١/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>