للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

واختلف المتأخرون في المصحف العثماني الذي أجمع عليه أصحاب رسول الله ، والتابعون لهم بإحسان، والأمة بعدهم، أهو حرف من الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها، أم هو مجموع الأحرف السبعة؟ على قولين مشهورين، أصحهما، والذي عليه جماهير العلماء من السلف، والخلف وأئمة المسلمين أن المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة، وليست مجموع الأحرف السبعة، ورجح ذلك ابن الجزري، وابن تيمية وغيرهما خلافًا لبعض الفقهاء وبعض القراء، وبعض المتكلمين (١).

وعلى هذا يوجد قراءات خارج القراءات السبع، والعشر تعتبر قراءات صحيحة، بل قد تكون أصح من القراءات السبع.


= وقال أبو شامة أيضًا في كتابه المرشد الوجيز (ص: ١٥٦): «فإن سأل سائل: ما العلة التي من أجلها اشتهر هؤلاء السبعة بالقراءة دون من هو فوقهم، فنسبت إليهم السبعة الأحرف مجازًا، وصاروا في وقتنا أشهر من غيرهم ممن هو أعلى درجة منهم وأجل قدرًا؟
فالجواب: أن الرواة عن الأئمة القراء كانوا في العصر الثاني والثالث كثيرًا في العدد، كثيرًا في الاختلاف، فأراد الناس في العصر الرابع أن يقتصروا من القراءات التي توافق المصحف على ما يسهل حفظه، وتنضبط القراءة به، فنظروا إلى إمام مشهور بالثقة والأمانة في النقل، وحسن الدين وكمال العلم، واشتهر أمره، وأجمع أهل مصره على عدالته فيما نقل، وثقته فيما قرأ وروى، وعلمه بما يقرئ به، ولم تخرج قراءته عن خط مصحفهم المنسوب إليهم، فأفردوا من كل مصر وجه إليه عثمان مصحفًا إمامًا، هذه وقراءته في مصحف ذلك المصر وسوادها، فكان أبو عمرو من أهل البصرة، وحمزة وعاصم من أهل الكوفة، والكسائي من أهل العراق، وابن كثير من أهل مكة، وابن عامر من أهل الشام، ونافع من أهل المدينة، كلهم ممن اشتهرت أمانته، وطال عمره في الإقراء، وارتحل الناس إليه من البلدان، ولم يترك الناس مع هذا نقل ما كان عليه أئمة هؤلاء من الاختلاف ولا القراءة بذلك.
وأول من اقتصر على هؤلاء السبعة أبو بكر بن مجاهد، قبل سنة ثلاثمائة أو في نحوها، وتابعه على ذلك من أتى بعده إلى الآن، ولم تترك القراءة برواية غيرهم واختيار من أتى بعدهم إلى الآن.
فهذه قراءة يعقوب الحضرمي غير متروكة، وكذلك قراءة عاصم الجحدري، وقراءة أبي جعفر وشيبة إمامي نافع، وكذلك اختيار أبي حاتم وأبي عبيد، واختيار المفضل، واختيارات لغير هؤلاء الناس على القراءة كذلك في كل الأمصار من المشرق».
(١) الفتاوى الكبرى لابن تيمية (٤/ ٤٢٢)، الحجة للقراء السبعة (ص: ٨)، الإبانة عن معنى القراءات (ص: ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>