للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الاستحباب، والله أعلم.

الدليل الرابع:

لابد للمؤذن من جهة، فإذا لم يكن بد من جهة، فجهة القبلة أولى، ولذلك رأى بعض العلماء أن الأصل في العبادات أن تكون إلى جهة القبلة.

قال النووي: «لما أراد أن يدعو -يعني في خطبة الاستسقاء- استقبل القبلة، ففيه استحباب استقبالها للدعاء، ويلحق به الوضوء، والغسل والتيمم، والقراءة والأذكار، والأذان وسائر الطاعات إلا ما خرج بدليل، كالخطبة ونحوها» (١).

وكذلك استحب الحنابلة استقبال القبلة للوضوء، قال ابن مفلح في الفروع: «وظاهر ما ذكره بعضهم يستقبل القبلة، ولا تصريح بخلافه، وهو متجه في كل طاعة إلا لدليل» (٢).

• ويناقش:

قال شيخنا ابن عثيمين: «ولا شك أنه في الدعاء ينبغي أن يستقبل القبلة، أما في الوضوء وشبهه ففي النفس من هذا شيء، فيحتاج إلى دليل خاص؛ لأن الظاهر من حال الرسول أنه لا يتعمد ذلك» (٣).

والقول بأن استقبال القبلة متجه في كل عبادة فيه نظر؛ لأن الأصل في العبادات الحظر حتى يرد دليل من الشرع بالاستحباب، واستحباب الصفة كاستحباب أصل العبادة، والله أعلم.

الدليل الخامس:

أن استقبال القبلة هو عمل الناس، نقله الخلف عن السلف.

قال ابن حزم: «وإنما تخيرنا أن يؤذن ويقيم على طهارة قائمًا إلى القبلة؛ لأنه عمل أهل الإسلام قديمًا وحديثًا» (٤).


(١) شرح النووي لصحيح مسلم (٦/ ١٨٩).
(٢) الفروع، وانظر كشاف القناع (١/ ٩١).
(٣) الشرح الممتع (٧/ ٢٩٣).
(٤) المحلى، مسألة (٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>