الله أكبر، الدالة على إثبات الذات وما تستحقه من صفات الكمال، والتنزيه عن أضدادها. وحذف المفضل منه للإطلاق: أي أن الله أكبر من كل شيء.
ومن قال: إن أفعل التفضيل ليس على بابه، وأن المراد الله الكبير فلم يصب، قال ذلك تحاشيًا من المفاضلة بين صفات الله وصفات خلقه، وحَمَلَ هذه الصيغة على قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧]، فقالوا معناه: وهو هين عليه.
والصحيح أن أفعل التفضيل على بابه في الموضعين، قال تعالى: ﴿آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [النمل: ٥٩]؛ لأن الأصل في الكلام الحقيقة، ولا يخرج عنه إلا لمعارض، ولا معارض.
وبعد أن أثبت الذات وصفات الكمال لله سبحانه، بقوله: الله أكبر من كل شيء، انتقل إلى الإيمان به بتوحيده، فمن كانت هذه صفته فإنه أهل لتوحيده بالعبادة، ولهذا ثنى المؤذن بقوله: أشهد أن لا إله إلا الله، أي لا معبود بحق إلا الله، وهذه الشهادة عمدة الإيمان والتوحيد المقدمة على كل وظائف الدين.
ثم انتقل إلى شهادة أخرى، وهي متممة للشهادة الأولى، وذلك بقوله: أشهد أن محمدًا رسول الله، وبها ينال الإيمان بنبوة محمد ﷺ وبرسالته، ولا تقبل الشهادة الأولى من دون الشهادة الثانية، إلا أنها تأتي بعد الإيمان بالله وبوحدانيته، وهاتان الشهادتان يدخل بهما الإنسان الإسلام، وينال بهما العصمة، عصمة الدم، والمال، والعرض. وهي أول ما يدعى إليهما الخلق كما في حديث ابن عباس في بعث معاذ إلى اليمن، فإن النبي ﷺ قال له: يا معاذ إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلواتٍ في اليوم والليلة. الحديث.
وبعد الإقرار بالشهادتين تأتي الدعوة إلى الصلاة، وإنما جاءت الدعوة إلى الصلاة عقب الشهادتين؛ لأن الصلاة لا تقبل ولا يقبل غيرها من الأعمال إلا بعد الإقرار بالشهادتين.
ثم يدعو بعد ذلك إلى الفلاح، وهو الفوز والبقاء في النعيم المقيم، وفيه إشعار