عدم النقل عن الصحابة أنهم استأنفوا التكبير ليس دليلًا صريحًا أنهم قد بنوا على ما مضى من صلاتهم، فالحديث لم ينقل أنهم قد بنوا، كما لم ينقل أنهم استأنفوا.
فالراوي لم يتعرض لها في الحديث، والحديث محتمل للأمرين.
وأما الجزم بأنهم لو كبَّروا لنقل فغير مسلَّم، فالراوي لم ينقل أن الرسول ﷺ استأنف التكبير حين عاد إلى صلاته، ولا يقال: لو كان النبي ﷺ كبر لنقل، وإنما علمنا أنه يلزمه التكبير من الإجماع، وليس من الحديث.
وأبو بكرة لم ينقل أن الصحابة كبروا حين كبر النبي ﷺ للمرة الأولى، إلا ما نعلم من حال الصحابة، وحرصهم على المسارعة في المتابعة، وإلا فالحديث ورد بثلاثة ألفاظ، كلها لم ينقل في الرواية أن الصحابة قد دخلوا في الصلاة مع الرسول ﷺ.
فرواه أبو الوليد الطيالسي، عن حماد بن سلمة به، بلفظ:(كبر في صلاة الفجر يومًا، ثم أومأ إليهم).
ولفظ يزيد بن هارون عن حماد به، عند أحمد:(استفتح الصلاة، فكبر، ثم أومأ إليهم أَنْ مكانكم … ).
ولفظ عفان، وأبي كامل، وموسى بن إسماعيل، وحبان، وأبي عمر الضرير، كلهم عن حماد به:(دخل في صلاة الفجر، فأومأ إلى أصحابه: أي مكانكم … ).
وهذا الذي حمل ابن الهمام، فقال في فتح القدير بعد أن ساق الحديث:«سنده صحيح، ولا يقتضي أن ذلك كان بعد شروعهم؛ لجواز كون التذكر كان عقيب تكبيره بلا مهلة قبل تكبيرهم … »(١).
فإن كانوا لم يدخلوا في الصلاة فذاك، وإن كانوا قد كبروا مع النبي ﷺ للمرة الأولى، وترك ذكره أبو بكرة ﵁ فهو دليل على أنه لا يمكن الجزم بأن عدم النقل نقل للعدم، فما المانع أن يكون الصحابة ﵃ حين عاد النبي ﷺ، وكبر للدخول في الصلاة، كبر معه الصحابة أيضًا، واستأنفوا صلاتهم؟ فإذا قلت: لم