للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومن قال: إنها من فروض الكفايات: أجاز له أن يقلد مجتهدًا غيره.

والثاني: أقرب؛ لأننا إذا كنا نقلد المؤذن في دخول الوقت، وهو أحد شروط الصلاة، والقبلة أخف من الوقت، فمن اجتهد، فصلى يظن دخول الوقت، فظهر أنه لم يدخل أعاد أبدًا. ومن اجتهد فصلى إلى جهة يظن أنها القبلة، فأخطأ صحت صلاته.

وإذا كان هذا في تقليد العامة للمؤذن فكذلك للمؤذن نفسه أن يقلد غيره في دخول الوقت، ولا يلزم بالاجتهاد بنفسه، فكل من أذَّن بالوقت فإن أذانه صحيح، سواء أعلم المؤذن الوقت بنفسه أم بخبر الثقة.

(ح-٨٩٩) فقد روى البخاري من طريق ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله،

عن أبيه، أن رسول الله -قال: إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم، ثم قال: وكان رجلًا أعمى، لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت (١).

وجه الاستدلال:

فهذا الحديث دليل على أنه لا يشترط علم المؤذن بنفسه بدخول الوقت، فإذا جاز للمؤذن أن يقلد، ولو أمكنه الاجتهاد، جاز للمصلي أن يقلد في جهة القبلة، ولو أمكنه الاجتهاد.

ولأن الاجتهاد في جهة القبلة ثمرته الوصول إلى الظن في معرفة القبلة، فلم يكن ظنه أولى من ظن غيره.

• دليل الجمهور على أن المجتهد لا يقلد مجتهدًا

قال الله تعالى: ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾ [الحشر: ٣].

فإذا كان المجتهد مأمورًا بالاعتبار، فمن لم يَأْتِ به يكون عاصيًا، وقد ترك العمل به في حق العامي؛ لعجزه عن الاجتهاد، فيبقى معمولًا به في حق المجتهد.

•ويناقش:

هذه الآية ليست نصًّا في محل النزاع، فالله أمر أولي الأبصار بالاعتبار مما حل ببني النضير من تخريب بيوتهم بأيديهم لمخالفة أمر الله ورسوله، فأولو الأبصار ليس مقصورًا على أهل الاجتهاد.


(١) صحيح البخاري (٦١٧)، ورواه مسلم (١٠٩٢) دون قوله: (أصبحت أصبحت).

<<  <  ج: ص:  >  >>