عن أبيه، قال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، طَهِّرني، فقال: ويحك، ارجع فاستغفر الله وتب إليه، قال: فرجع غير بعيد، ثم جاء، فقال: يا رسول الله، طهرني، فقال رسول الله ﷺ: ويحك، ارجع فاستغفر الله وتب إليه، قال: فرجع غير بعيد، ثم جاء، فقال: يا رسول الله، طهرني، فقال النبي ﷺ مثل ذلك، حتى إذا كانت الرابعة، قال له رسول الله: فيم أطهرك؟ فقال: من الزنا، فسأل رسول الله ﷺ: أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: أشرب خمرا؟ فقام رجل فاستنكهه، فلم يجد منه ريح خمر .... الحديث.
وجه الاستدلال:
أن النبي ﷺ لم يأخذ بإقراره حتى علم أنه ليس بسكران، فلو كان سكران لم يصح إقراره، وإذا لم يصح إقراره علم أن أقواله كلها باطلة كأقوال المجنون.
الدليل الثالث:
التكليف منوط بالعقل، فإذا زال العقل بالسكر ارتفع التكليف، وألحق السكران بالمجنون.
الدليل الرابع:
أن الأذان ليس متوقفًا على جمل يرددها المؤذن، وإنما هو عبادة تشترط لها النية، وخبر مبني على العلم بالأوقات، والسكران المختلط لا قصد له صحيح؛ لاضطراب عقله، ولا يمكن الوثوق بخبره بدخول الوقت، فلا يقع به الإعلام.
• حجة الحنفية على صحة أذانه:
الدليل الأول:
لم يشترط الحنفية النية لصحة الأذان، ولهذا إذا أذن في الوقت على الكيفية المشروعة أجزأ، وحصل المقصود حتى ولو لم ينو السكران بأذانه الإعلام بدخول الوقت.
وقد بحثت اشتراط النية في فصل مستقل، انظره في الشرط الثاني من شروط الأذان.