للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ومن قال بوجوب ستر العورة في الصلاة لم يختلفوا في وجوب تغطية ما عدا الكفين والقدمين.

قال ابن المنذر: «أجمع أهل العلم أن على المرأة الحرة البالغ أن تخمر رأسها إذا صلت، وعلى أنها إن صلت، وجميع رأسها مكشوف أن عليها إعادة الصلاة» (١).

وفي حكاية الإجماع نظر في المسألتين، ولعله اتفاق من يرى وجوب ستر العورة في الصلاة، وفي سترها خلاف محفوظ عن أصحاب مالك، والمنقول عن ابن القاسم، راوية الإمام مالك في الفقه أن سترها سنة (٢).

وإذا كان الستر سنة على أحد الأقوال في المسألة عاد ذلك بالإبطال على حكاية الإجماع، خاصة أن ابن القاسم متقدم عن عصر ابن المنذر.

واختلفوا في الكفين والقدمين من المرأة الحرة.

فقال الحنفية: الكفان والقدمان ليسا بعورة، وبه قال الثوري، والمزني، ورجحه ابن تيمية من الحنابلة، وصوبه في الإنصاف (٣).


(١) الإجماع لابن المنذر (ص: ٤٣)، ونقله مقرًّا له ابن القطان الفاسي في الإقناع في مسائل الإجماع (١/ ١٢١).
(٢) في مذهب مالك ثلاثة أقوال في ستر العورة:
فقيل: شرط على خلاف: أهو شرط بقيد القدرة، أم شرط بقيد القدرة والتذكر؟
وقيل: واجب، وليس بشرط.
وقيل: سنة، وقد ذكر ابن رشد الجد في البيان والتحصيل (٢/ ١١٩) عن ابن القاسم أنه يرى أن ستر العورة من سنن الصلاة، لا من فرائضها.
وفي هذا النقل يؤكد أبو الوليد أن القول بسنية ستر العورة قديم في أصحاب مالك، وأنه في الطبقة الأولى من أصحابه، وإن لم يذكره بعض المالكية كابن عبد البر وغيره.
ونص بعض المالكية إلى أن ستر العورة لا يختص بالصلاة، بل هو فرض في نفسه من أجل النظر، ويتجه بعضهم إلى أنه لو صلى في ظلمة أو صلى خاليًا لا يجب عليه ستر العورة.
وبعضهم يرى أن الخلاف دائر بين الفرضية والشرطية، وينكر القول بالسنية، وانظر النقول عنهم في حكم ستر العورة، أسأل الله العون والتوفيق.
(٣) البحر الرائق (١/ ٢٨٤)، مجمع الأنهر (١/ ٨١)، حاشية ابن عابدين (٤/ ٤٠٥)، الاختيار لتعليل المختار (١/ ٤٦)،
وانظر قول الثوري والمزني في: حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء للقفال (٢/ ٥٣)،
المجموع شرح المهذب (٣/ ١٦٨)، روضة الطالبين (١/ ٢٨٣)،
وانظر قول ابن تيمية في: الفروع (٢/ ٣٣)، المبدع (١/ ٣٢٠)، الإنصاف (١/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>