للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقيل: يجب الترتيب بين الفوائت والحاضرة، وهو اختيار ابن حزم (١).

وقيل: يجب الترتيب مع الحاضرة في القليل دون الكثير، فيجب الترتيب في خمس صلوات فما دون، فإن زادت الصلوات الفائتة لم يجب الترتيب بينها وبين الحاضرة، وهذا مذهب الحنفية والمالكية ورواية عن أحمد على خلاف بينهم في المستحب:

فقال الحنفية: يستحب الترتيب بين الفوائت الكثيرة وبين الحاضرة.

وقال المالكية: يستحب البداءة بالحاضرة إذا كانت الفوائت كثيرة (٢).

هذه أقوال المسألة، وأما كيف ترتب الخلاف؟

فمن قال: يستحب الترتيب مطلقًا، أو قال يجب مطلقًا بين الفائتة والصلاة الحاضرة فيرجع الخلاف بينهم إلى الاختلاف في حكم الترتيب نفسه، وقد تقدمت أدلته في المسألة السابقة.

وأما من فرق بين القليل والكثير، كالمالكية والحنفية، فاختلفوا في موجب التفريق:

فالموجب للتفريق عند الحنفية: كون الفوائت إذا بلغت ستًّا دخلت في حد التكرار، والتكرار موجب للسقوط دفعًا للحرج، وهم يطردون هذا في مسائل كثيرة، ومنها سقوط القضاء في المغمى عليه إذا كانت الصلوات أكثر من يوم وليلة، للعلة نفسها (٣).

وأما الحامل على التفريق عند المالكية: فليس الدخول في حد التكرار الموجب للتخفيف كما قال الحنفية، وإنما لقوله : (فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك) فقوله: (إذا ذكرها) عام في الوقت فيجب عليه أن يصلي الفائتة مطلقًا،


(١) المحلى، مسألة: (٤٧٩)، وقد اختار ابن حزم الاستحباب في الترتيب بين الفوائت نفسها، وأما ما بينها وبين الحاضرة فالترتيب واجب إلا أن يخشى فوات الحاضرة.
(٢) كنز الدقائق (ص: ١٨١)، تبيين الحقائق (١/ ١٨٦)، النهر الفائق (١/ ٣١٦)، بدائع الصنائع (١/ ١٣١، ١٣٥)، المبسوط (١/ ١٥٤)، فتح القدير لابن الهمام (١/ ٤٨٥)، مراقي الفلاح (ص: ١٧١، ١٧٢)، حاشية ابن عابدين (٢/ ٦٨)، الهداية في شرح البداية (١/ ٧٣)، البحر الرائق (٢/ ٧٦)، الإنصاف (١/ ٤٤٣)، الفروع (١/ ٣٠٨).
(٣) انظر: البحر الرائق (٢/ ٩١)، النهر الفائق (٤/ ٤٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>