للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هذه هي الأقوال المحفوظة في أذان الأعمى وقد ذكرت أدلة الخلاف في أذان الأعمى في كتاب الأذان، فارجع إليه إن رمت الوقوف على أدلة القوم في هذه المسألة.

فمن صحح أذان الأعمى وتقليده في الوقت فسوف يصحح اجتهاده في دخول الوقت من باب أولى؛ لأن من صحح اجتهاده لغيره في دخول الوقت فسوف يصحح اجتهاده في حق نفسه من باب أولى.

فالحنفية والحنابلة في أحد القولين، والشافعية يرون أن الأعمى يمكنه الاجتهاد في معرفة الوقت؛ إذا لم يجد من يخبره عن علم؛ لأن أذان الأعمى صحيح عندهم (١).

إلا أن الشافعية صححوا اجتهاده، وجوزوا له التقليد؛ لأن اجتهاده فيه مشقة ظاهرة بخلاف البصير (٢).


(١) ملتقى الأبحر (١/ ٧٨)، تبيين الحقائق (١/ ٩٤).
وجاء في منتهى الإرادات وشرحه (١/ ١٤٥): «ويعيد أعمى عاجز عن معرفة الوقت … وفهم منه أنه لو قدر الأعمى على الاستدلال للوقت ففعل فلا إعادة عليه ما لم يتبين له الخطأ».
وهذا مخالف لما في الإقناع حيث يقول (١/ ٨٤): والأعمى ونحوه يقلد … ».
وإذا اختلف صاحب الإقناع مع صاحب المنتهى فالمقدم في مذهب الحنابلة صاحب المنتهى.
وجاء في كشاف القناع (١/ ٢٥٨): «وفي الجامع للقاضي: الأعمى يستدل على دخول وقت الصلاة، كما يستدل البصير في يوم الغيم؛ لأنه يساويه في الدلالة وهو مرور الزمان، وقراءة القرآن، والرجوع إلى الصنائع الراتبة، فإذا غلب على ظنه دخول الوقت جاز له أن يصلي والاحتياط للتأخير كما تقدم في البصير، ويفارق التوجه إلى القبلة حيث قالوا: لا يجتهد له لأنه ليس معه الآلة التي يدركها بها، وهي حاسة البصر وليس كذلك دخول الوقت؛ لأنه يستدل عليه بمضي المدة ومعناه في المبدع … قال في المنتهى وشرحه: ويعيد أعمى عاجز عن معرفة وقت الصلاة انتهى فعلم منه أن من قدر على الاستدلال كما تقدم لا إعادة عليه».
وانظر: الإنصاف (٢/ ١٥).
(٢) التمهيد في تخريج الفروع على الأصول (ص: ٥٢٥)، فتح العزيز (٣/ ٥٨، ٥٩)، حاشية الجمل (١/ ٢٨٠)، روضة الطالبين (١/ ١٨٥)، المجموع (١/ ١٩٦) و (٣/ ٧٢)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ٢٥٢)، أسنى المطالب (١/ ٢٤)، اللباب في الفقه الشافِعِيِّ (ص: ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>