للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويجاب عنه بنفس الجواب الذي أجبت به عن قول ابن عباس، ويزاد بأن الصحابة قد اختلفوا، وإذا اختلف الصحابة طلب مرجح من خارج قولهم، وأكثر الصحابة والتابعين على أن المسافر يقصر حتى يرجع إلى بلده، والله أعلم.

دليل من قال: إذا أقام أكثر من عشرين يومًا أتم:

(ح-٣٥١٠) روى الإمام أحمد، قال: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان،

عن جابر بن عبد الله، قال: أقام رسول الله بتبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة.

[المحفوظ مرسل] (١).

يقول ابن حزم: إن الله تعالى لم يجعل القصر إلا مع الضرب في الأرض، ولم يجعل رسول الله القصر إلا مع السفر، لا مع الإقامة، وبالضرورة ندري أن حال السفر غير حال الإقامة، وأن السفر إنما هو التنقل في غير دار الإقامة، وأن الإقامة هي السكون وترك النقلة والتنقل في دار الإقامة، هذا حكم الشريعة والطبيعة معًا.

فإذ ذلك كذلك فالمقيم في مكان واحد مقيم غير مسافر بلا شك، فلا يجوز أن يخرج عن حال الإقامة وحكمها في الصيام والإتمام إلا بنص.

وقد أقام رسول الله بتبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة وهذا أكثر ما روي عنه في إقامته بتبوك، فخرج هذا المقدار من الإقامة عن سائر الأوقات بهذا الخبر فصح يقينًا أنه لولا مقام النبي في تبوك عشرين يومًا يقصر، وبمكة دون ذلك يقصر لكان لا يجوز القصر إلا في يوم يكون فيه المرء مسافرًا، ولكان مقيم يوم يلزمه الإتمام.

لكن لما أقام عشرين يومًا بتبوك يقصر صح بذلك أن عشرين يومًا إذا أقامها المسافر فله فيها حكم السفر، فإن أقام أكثر، أو نوى إقامة أكثر فلا برهان يخرج ذلك عن حكم الإقامة أصلًا (٢).


(١) سبق تخريجه.
(٢) انظر: المحلى (٣/ ٢١٦) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>