للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدليل السابع:

من دخل الصلاة بنية القصر، ثم نوى الإتمام في أثناء الصلاة صحت صلاته على قول جمهور أهل العلم خلافًا لأحد أقوال المالكية، وإذا صح ذلك مع أن نية الإتمام طارئة، والأصل في النية الحادثة في أثناء الصلاة أنها واقعة في غير موضع النية، صحت نية القصر إذا طرأت على الصلاة.

ونوقش:

قال إمام الحرمين: «المسافر وإن نوى القصرَ، فالإتمام ضمن نيته على أصلنا؛ فإن الأصل الإتمام، ونية القصر قصد إلى الترخص، والترخص مشعر بالتعرض للتمام، وكأنَّ تقديرَ النية فيه: إني أترخصُ، فأقصر إن لم يطرأ ما يقتضي الإتمام، فإن طرأ، فالإتمام جار على أصله» (١).

ورد هذا من وجهين:

الوجه الأول:

لا نسلم أن الأصل في صلاة المسافر هو الإتمام، بل الأصل في صلاة المسافر هو القصر؛ لأنه لم يحفظ أن النبي أتم في السفر مطلقًا، سواء أكان السفر طويلًا أم قصيرًا، وسواء أكان مقيمًا في أثنائه أم جادًّا في سيره، فمن أين يصح أن يقال: إن الأصل في صلاة المسافر الإتمام.

وإذا جاز أن ينوي القصر في أول الصلاة، وينصرف منها على الإتمام، جاز العكس بجامع أن كلا الصلاتين تبعضت النية فيها بين الإتمام والقصر.

قال العز بن عبد السلام: «إذا نوى المسافر القصر، ثم نوى الإتمام، فإن الركعتين الأولتين يجزئانه بالنية الأولى، والركعتان الأخريان يجزئانه بالنية الثانية؛ لأن المقصود بالنيتين تمييز رتبة الظهر عن غيرها، وقد تحقق ذلك بالنيتين» (٢).

ولو خشي المصلي بالليل الصبح فدخل بنية أن يوتر بركعة، ثم تبين له أثناء الصلاة أن الوقت ما زال فزاد في وتره حتى صلى ثلاث ركعات صح الوتر، فصحت الركعة


(١) نهاية المطلب (٢/ ٤٤٩).
(٢) قواعد الأحكام (١/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>