للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال القاضي عبد الوهاب المالكي: «والضرب في الأرض لا يكون بالنية، وإنما يكون بالفعل» (١).

وقال ابن الملقن في شرح البخاري: «السفر يحتاج إلى عمل ونية، وليس كالإقامة التي تصح بالنية دون العمل» (٢).

وإذا كان جمهور الفقهاء يشترطون أن يقصد في سفره جهة معينة، فلا يقصر من كان هائمًا على وجهه، كما سيأتي بحثه في شرط مستقل، فإن ذلك يلزم منه اشتراط نية السفر؛ لأن التمييز بين خروج الهائم وخروج المسافر لا يكون إلا بالنية (٣).

وذكر الزركشي في القواعد والمازري في شرح التلقين: أن المسافر إذا نوى الإقامة صار مقيمًا بمجرد النية؛ بخلاف السفر فلا يحصل إلا بالنية والفعل (٤).

وجه الفرق بينهما:

أن الإقامة هي الأصل، والسفر عارض.

ولأن نية الإقامة وجد معها الفعل الملائم لها، وهو اللبث والاستقرار.

ونية السفر، وهو بالمدينة لم يوجد معها ما يلائمها؛ لأن الذي يلائمها ويطابقها السير الذي يجاوز البنيان؛ لأن البنيان حكمه حكم الاستيطان والقرار (٥).

واشترط الحنفية أن ينوي الإقامة في موضع يصلح لها من بلدة أو قرية، فإن نوى الإقامة في المفازة أو في البحر لم ينقطع سفره، وهو وجه عند الشافعية (٦).


(١) المعونة على مذهب عالم المدينة (١/ ٢٦٩).
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٨/ ٤٧٦).
(٣) عقد الجواهر الثمينة (١/ ١٥١)، جامع الأمهات (ص: ١١٨)، تحفة المحتاج (٢/ ٣٨١)، مغني المحتاج (١/ ٥٢٢)، نهاية المحتاج (٢/ ٢٥٩)، فتح العزيز (٤/ ٤٣٢)، المجموع (٣/ ٢٤٠)، الفروع (٢/ ١٢٠)، المبدع (١/ ٣٥٤)، الإنصاف (٢/ ٥)، كشاف القناع، ط: العدل (٣/ ٢٦٧)، الإقناع (١/ ١٠٠)، معونة أولي النهى (٢/ ٦١).
(٤) شرح التلقين (٢/ ٩٣٠)، المنثور في القواعد الفقهية (٣/ ٢٩٩).
(٥) انظر: شرح التلقين (٢/ ٩٣٠).
(٦) جاء في الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ٤٤): «ولو نوى قطع السفر بالإقامة صار مقيمًا وبطل سفره بخمس شرائط:
ترك السير حتى لو نوى الإقامة سائرًا لم تصح، وصلاحية الموضع للإقامة، فلو نواها في
بحر، أو جزيرة لم تصح، واتحاد الموضع، والمدة، والاستقلال بالرأي.
فلا تصح نية التابع كذا في معراج الدراية. وإذا نوى المسافر الإقامة في أثناء صلاته في الوقت تحول فرضه إلى الأربع سواء نواها في أولها، أو في وسطها، أو في آخرها، وسواء كان منفردًا، أو مقتديًا، أو مدركًا، أو مسبوقًا».
وانظر: غمز عيون البصائر (١/ ١٨٠)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ٣٩)، الغاية في اختصار النهاية (٢/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>