للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والعلامة هبة الله بن عبد الله بن سيد الكُل القفطي، وأبو الفتح محمد بن الدشناوي شيخنا، وخلائق، وتفقه بالفخر ابن عَسَاكِر وأجازه بالفتوى، وقرأ الأصول على السيف الآمدي.

وولي الخطابة بجامع بني أميَّة بدمشق، ووقع بينه وبين صاحب دمشق الصالح أبي الجيش، فلم يدعُ له على المنبر، فقال له: لم تركت الدُّعاء لنا؟ فقال: ما أقول! سلَّمت صَفَد والشقيف للفرنج، وفعلت كذا، فقال له: هذا البلد لي أو لك، فخرج من دمشق، فخرج له صاحب الكَرَك، وعرض عليه الإقامة بها، فقال: بلدك قليلة على علمي.

ثم قدم القاهرة، فتلقاه سلطانها الصالح أيوب بن الكامل، فأكرمه، وولاه الخطابة بالجامع العتيق بمصر، والقضاء بها، وبالوجه القبلي مدَّة، وعزل نفسه بعد أن أسقط الوزير وجماعة من الأعيان، فأخبرني أقضى القضاة شمس الدين ابن القمَّاح أنَّ السلطان أرسل رسولًا إلى الخليفة المستعصم ببغداد، فلما وصل إليها وأدى الرسالة، قال له الخليفة: السلطان شافهك بهذه الرسالة؟ فقال له: لا، الوزير شافهني بها عن السلطان، فقال: الوزير أسقطَه ابن عبد السلام فلا تُقبل روايته، فرجع حتى شافهه السلطان.

وبنى السلطان المدرسة التي بين القصرين بالقاهرة، فدرَّس بها الشيخ، وانتفع الناس بعلومه وبركته وصلاته وصَدَقته، حتى كان يركب وعلى رأسه عمامة، فيقطع قطعة بعد قطعة، يتصدق بها.

وحكى لي الخطيب منتصر بن الحسن خطيب أدفو، عن الفقيه زيد، قال: كان الشيخ يكرهني وفي نفسه مني لإساة أسأتها، فنُقلَتْ له عني، وكانت الصدقة تأتي إليه يصرفها فيعطيني ويقول: خذها على رغم أنفي، أنا ما أشتهي أعطيك شيئا، لكني أعلم أنك مستحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>