وكأنه قد أتي ببساط بسط وعليه طرّاحة، فجلس عليها وإذا بأربعة شيوخ حضروا، فجلس اثنان عن يمين الحاجب واثنان عن شماله، وذكر قصة اختصرتها، ومنها "أنه أومأ إلى صورة حسنة، فقال: هذا هو المشرّع، قال: فصافحته وسألت: من هؤلاء؟ فقيل: أبو بكر وعمر وعثمان، وهذا محمد بن إدريس الشافعي، ثم خرج شيخ عليه سَكِينة ووقار، فقاموا له ورفعوا قدره، فسألت عنه، فقيل: علي بن أبي طالب، فأومأ المشرع إلى الحاجب، فتقدم إليه، فتحدّث معه، ثم التفت إلي فقال: ألم تقل إن هؤلاء كانوا مختلفين بعد رسول الله ﷺ، فقلت: بلى، فأومأ إليهم، فقالوا بأجمعهم: لا، ثم أومأوا إلي وقالوا: عليك بمذهب الشيخ، ولازم المحراب والماء والسّلام، فانتبهت وكأنني مرعوب، ثم شكرت الله بعد ذلك، ولزمت ما قال الشيخ والحمد لله على ذلك حمدًا كثيرًا.
توفي أبو محمد هذا في المحرّم، سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى.
١١٨ - الحسن بن الحارث بن الحسين بن خليفة بن نجا بن الحسن بن محمد بن مسكين، ينعت بالعز، الفقيه الشافعي الزهري (١).
سمع الحديث من الحافظ أبي الحسين العطّار وغيره، وتفقه على الظهير جعفر التزمنتي، وأجازه الشيخ بهاء الدين هبة الله بن عبد الله القفطي بالفتوى لما قدم الصعيد.
ودرّس وأفتى، وكان متورعًا حسن الدّيانة.
درّس بالمدرسة المجاورة لضريح الشافعي إلى حين وفاته.
توفي بمصر في يوم السّبت ثامن جمادى الأولى، سنة عشر وسبع مئة، رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى.
(١) انظر ترجمته في: نهاية الأرب: (٣٢/ ١٧٢)، أعيان العصر: (٥/ ٢٦٣) وفيه: محمد بن مسكين، طبقات الشافعيين لابن كثير: (٩٥٢ - ٩٥٣)، السلوك: (٢/ ٤٦٣)، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: (٢/ ٢١٣) وفيه: يعرف بابن مسكين، حسن المحاضرة: (١/ ٤٢٢)، شذرات الذهب: (٨/ ٤٧).