للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيره:

إن الهداية كالقرآن قد نسخت ما صنفوا قبلها في الشرع من كتب.

قال محمد عبد الحي اللكنوي: وهل هذا للقبول إلا بما روي أن صاحب الهداية بقي في تصنيفها ثلاث عشرة سنة، وكان صائماً في تلك المدة لا يفطر أصلاً، وكان يجتهد أن لا يطلع على صومه أحد، فإذا أتى خادمه بطعام يقول له خله ورح، فإذا راح كان يطعمه أحد الطلبة أو غيرهم، فإذا أتى الخادم ووجد الإناء فارغاً يظن أنه أكله بنفسه.

وأول من قرأ الهداية على مؤلفها شمس الأئمة الكردري.

وقد اعتنى جم غفير من العلماء، وجمع كثير من الفضلاء بتحرير الحواشي والشروح على الهداية.

وقد طعن بعض حاسديه عليه بأنه أورد فيها الأحاديث التي ليست بتلك، ولهذا عُني كثير من العلماء بتخريج الأحاديث التي استند إليها صاحب الهداية؛ منهم الإمام محيي الدين عبد القادر بن محمد القرشي المصري، فقد وضع كتاباً في ذلك سماه [العناية بمعرفة أحاديث الهداية]، والشيخ علاء الدين ألف كتاباً سماه [الكفاية في معرفة أحاديث الهداية]، والشيخ جمال الدين بن عبد الله بن يوسف الزيلعي وضع كتاباً سماه [نصب الراية لأحاديث الهداية].

[درجته بين علماء المذهب]

قال الإمام محمد عبد الحي اللكنوي في الفوائد البهية في تراجم الحنفية: واعلم أنهم قسموا أصحابنا الحنفية على ست طبقات. الأولى: طبقة المجتهدين في المذهب كأبي يوسف ومحمد وغيرهما من أصحاب أبي حنيفة، القادرين على استخراج الأحكام من القواعد التي قررها الإمام. والثانية: طبقة المجتهدين في المسائل التي لا رواية فيها عن صاحب المذهب كالخصاف والطحاوي والكرخي والسرخسي والحلواني والبزدوي وغيرهم، وهم لا يقدرون على مخالفة إمامهم في الفروع والأصول، لكنهم يستنبطون الأحكام التي لا رواية فيها على حسب الأصول. والثالثة: طبقة أصحاب التخريج القادرين على تفصيل قول مجمل، وتكميل قول محتمل من دون قدرة على الاجتهاد. والرابعة: طبقة أصحاب الترجيح كالقدوري، وصاحب الهداية، القادرين على تفضيل بعض الروايات على بعض بحسن الدراية. والخامسة: طبقة المقلدين، القادرين على التمييز بين القوي والضعيف، والمرجح والسخيف، كأصحاب المتون الأربعة المعتبرة. والسادسة: من

<<  <  ج: ص:  >  >>