"وإذا وجب الحد وكان الزاني محصنا رجمه بالحجارة حتى يموت" لأنه ﵊ رجم ماعزا وقد أحصن وقال في الحديث المعروف وزنا بعد إحصان وعلى هذا إجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
قال:"ويخرجه إلى أرض فضاء ويبتدئ الشهود برجمه ثم الإمام ثم الناس" كذا روي عن علي ﵁ ولأن الشاهد قد يتجاسر على الأداء ثم يستعظم المباشرة فيرجع فكان في بداءته احتيال للدرء وقال الشافعي ﵀ لا تشترط بداءته اعتبارا بالجلد.
قلنا: كل أحد لا يحسن الجلد فربما يقع مهلكا والإهلاك غير مستحق ولا كذلك الرجم لأنه إتلاف قال "فإن امتنع الشهود من الابتداء سقط الحد" لأنة دلالة الرجوع وكذا إذا ماتوا أو غابوا في ظاهر الرواية لفوات الشرط "وإن كان مقرا ابتدأ الإمام ثم الناس" كذا روي عن علي ﵁ ورمى رسول الله ﵊ الغامدية بحصاة مثل الحمصة وكانت قد اعترفت بالزنا "ويغسل ويكفن ويصلى عليه" لقوله ﵊ في ماعز ﵁"اصنعوا به كما تصنعون بموتاكم" ولأنه قتل بحق فلا يسقط الغسل كالمقتول قصاصا وصلى النبي ﵊ على الغامدية بعد ما رجمت "وإن لم يكن محصنا وكان حرا فحده مائة جلدة" لقوله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢] إلا أنه انتسخ في حق المحصن فبقي في حق غيره معمولا به.
قال:"يأمر الإمام بضربه بسوط لا ثمرة له ضربا متوسطا" لأن عليا ﵁ لما أراد أن يقيم الحد كسر ثمرته والمتوسط بين المبرح وغير المؤلم لإفضاء الأول إلى الهلاك وخلو الثاني عن المقصود وهو الانزجار "وتنزع عنه ثيايه" معناه دون الإزار لأن عليا ﵁ كان يأمر بالتجريد في الحدود ولأن التجريد أبلغ في إيصال الألم إليه وهذا الحد مبناه على الشدة في الضرب وفي نزع الإزار كشف العورة فيتوقاه "ويفرق الضرب على أعضائه" لأن الجمع في عضو واحد قد يفضي إلى التلف والحد زاجر لا متلف.
قال:"إلا رأسه ووجهه وفرجه" لقوله ﵊ للذي أمره بضرب الحد "عاتق الوجه والمذاكير" ولأن الفرج مقتل والرأس مجمع الحواس وكذا الوجه وهو مجمع المحاسن أيضا فلا يؤمن فوات شيء منها بالضرب وذلك إهلاك معنى فلا يشرع حدا.