للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واشتباه الأنساب وكذا هو أندر وقوعا لانعدام الداعي من أحد الجانبين والداعي إلى الزنا من الجانبين وما رواه محمول على السياسة أو على المستجل إلا أنه يعزر عنده لما بيناه.

"ومن وطئ بهيمة فلا حد عليه" لأنه ليس في معنى الزنا في كونه جناية وفي وجود ا لداعي لأن الطبع السليم ينفر عنه والحامل عليه نهاية السفه أو فرط الشبق ولهذا لا يجب ستره إلا أنه يعزر لما بينا والذي يروى أنه تذبح البهيمة وتحرق فذلك لقطع التحدث به وليس بواجب.

"ومن زنى في دار الحرب أو في دار البغي ثم خرج إلينا لا يقام عليه الحد" وعند الشافعي يحد لأنه التزم بإسلامه أحكامه أينما كان مقامه ولنا قوله "لا تقام الحدود في دار الحرب" ولأن المقصود هو الانزجار وولاية الإمام منقطعة فيهما فيعرى الوجوب عن الفائدة ولا تقام بعد ما خرج لأنها لم تنعقد موجبة فلا تنقلب موجبة ولو غزا من له ولاية الإقامة بنفسه كالخليفة وأمير المصر يقيم الحد على من زنى في معسكره لأنه تحت يده بخلاف أمير العسكر والسرية لأنه لم تفوض إليهما الإقامة.

"وإذا دخل حربي دارنا بأمان فزنى بذمية أو زنى ذمي بحربية يحد الذمي والذمية عند أبي حنيفة ولا يحد الحربي والحربية وهو قول محمد في الذمي" يعني إذا زنى بحربية فأما إذا زنى الحربي بذمية لا يحدان عند محمد وهو قول أبي يوسف أولا "وقال أبو يوسف يحدون كلهم" وهو قوله الآخر لأبي يوسف أن المستأمن التزم أحكامنا مدة مقامه في دارنا في المعاملات كما أن الذمي التزمها مدة عمره ولهذا يحد حد القذف ويقتل قصاصا بخلاف حد الشرب لأنه يعتقد إباحته ولهما أنه ما دخل للقرار بل لحاجة كالتجارة ونحوها فلم يصر من أهل دارنا ولهذا يمكن من الرجوع إلى دار الحرب ولا يقتل المسلم ولا الذمي به وإنما التزم من الحكم ما يرجع إلى تحصيل مقصوده وهو حقوق العباد لأنه لما طمع في الإنصاف يلتزم الانتصاف والقصاص وحد القذف من حقوقهم أما حد الزنا فمحض حق الشرع.

ولمحمد وهو الفرق أن الأصل في باب الزنا فعل ا لرجل والمرأة تابعة له على ما نذكره إن شاء الله تعالى فامتناع الحد في حق الأصل يوجب امتناعه في حق التبع أما الامتناع في حق التبع لا يوجب الامتناع في حق الأصل.

ونظيره إذا زنى البالغ بصبية أو مجنونة وتمكين البالغة من الصبي والمجنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>