عنه، وأخذنا نحن والشافعي به لروايته "أن النبي ﷺ قضى في قتيل قتل خطأ أخماسا" على نحو ما قال، ولأن ما قلناه أخف فكان أليق بحالة الخطإ لأن الخاطئ معذور، غير أن عند الشافعي يقضي بعشرين ابن لبون مكان ابن مخاض والحجة عليه ما رويناه.
قال:"ومن العين ألف دينار ومن الورق عشرة آلاف درهم" وقال الشافعي: من الورق اثنا عشر ألفا لما روى ابن عباس ﵄ أن النبي ﵊ قضى بذلك. ولنا ما روي عن عمر ﵁"أن النبي ﵊ قضى بالدية في قتيل بعشرة آلاف درهم". وتأويل ما روي أنه قضى من دراهم كان وزنها وزن ستة وقد كانت كذلك.
قال:"ولا تثبت الدية إلا من هذه الأنواع الثلاثة عند أبي حنيفة، وقالا منها ومن البقر مائتا بقرة، ومن الغنم ألفا شاة، ومن الحلل مائتا حلة كل حلة ثوبان". لأن عمر ﵁ هكذا جعل على أهل كل مال منها. وله أن التقدير إنما يستقيم بشيء معلوم المالية، وهذه الأشياء مجهولة المالية ولهذا لا يقدر بها ضمان، والتقدير بالإبل عرف بالآثار المشهورة وعدمناها في غيرها. وذكر في المعاقل أنه لو صالح على الزيادة على مائتي حلة أو مائتي بقرة لا يجوز، وهذا آية التقدير بذلك. ثم قيل: هو قول الكل فيرتفع الخلاف، وقيل هو قولهما خاصة.
قال:"ودية المرأة على النصف من دية الرجل" وقد ورد هذا اللفظ موقوفا على علي ﵁ ومرفوعا إلى النبي ﵊. وقال الشافعي: ما دون الثلث لا يتنصف، وإمامه فيه زيد بن ثابت ﵁، والحجة عليه ما رويناه بعمومه، ولأن حالها أنقص من حال الرجل ومنفعتها أقل، وقد ظهر أثر النقصان بالتنصيف في النفس فكذا في أطرافها وأجزائها اعتبارا بها وبالثلث وما فوقه.
قال:"ودية المسلم والذمي سواء" وقال الشافعي: دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم، ودية المجوسي ثمانمائة درهم. وقال مالك: دية اليهودي والنصراني ستة آلاف درهم لقوله ﵊: "عقل الكافر نصف عقل المسلم" والكل عنده اثنا عشر ألفا. وللشافعي ما روي أن النبي ﵊ جعل دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم، ودية المجوسي ثمانمائة درهم. ولنا قوله ﵊:"دية كل ذي عهد في عهده ألف دينار" وكذلك قضى أبو بكر وعمر ﵄، وما رواه الشافعي ﵀ لم يعرف راويه ولم يذكر في كتب الحديث، وما رويناه أشهر مما رواه مالك فإنه ظهر به عمل الصحابة ﵃ والله أعلم.