للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقد جمع "مناقبه" العلامة أبو العباس أحمد بن المنير في جزء (١)، وذكر أشياء كثيرة.

وبركاته شهيرة، وسار سيرة منيرة، وصار إلى من يعلم العلانية والسريرة، وباع الدنيا بالأخرى، فربح ذلك المشترى، ووجد ما عمل من خيرٍ محضرا.

سمع مسند الإمام أحمد بمكة، شرفها الله تعالى، وكان يحفظ الجمع بين الصحيحين، ويحضر دروس العلم، ويسأل أرباب المذاهب، ويأمرهم أن يُحْضِروا كتب مذهبهم ليرى النقل.

وكان قد وجدَ في قمحٍ اشتراه من الفرنج حبات تشبه الشعير وتشبه القمح، فنَقَّاها، فجاءت مقدار حفنة، فزرعها، وكان يقتاتُ منها مدة عشرين سنة إلى حين وفاته، وكان متى خالطها شيءٌ نقَّاها منه.

وأنبأنا شيخنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن الدشناوي، قال: أخبرنا العلامة أحمد بن المنير، قال سمعته يقول: وزَنْتُ الأحوال بميزان الاعتبار، فوجدتها لا تصح إلا بالعُزلة، والعُزلة لا تصح إلا بقطع الطَّمع، والطَّمع على ثلاثة أوجه: طمعٌ في أموالهم، وطمعٌ في إقبالهم، وطمعٌ في الارتفاع بينهم، والأول والثاني ظاهران للخلق، والثالث لا يطّلع عليه إلا الله تعالى، ولكن من رأيناه سالمًا من الأول والثاني حسَّنا به الظن، ورجونا له السلامة من الثالث، ومن رأيناه واقفًا مع الأول والثاني أسأنا به الظن.

وأنبأنا شيخنا المذكور، عن شيخه المذكور، قال: قرأت على القبَّاري كثيرًا من حكايات أهل الطريقة، ومشايخ الرسالة، إلى أن أتيت على أكثر ما في "رسالة القشيري" (٢)، فكان له في كل حكاية نظر عجيبٌ، إلى أن قال لي يومًا: ما أحب أن أسمع شيئًا خارجًا عن الكتاب، والسنة، وكلام الفقهاء، وأئمة الفتوى، ولا أوثر سماع علم


(١) هو في نحو خمسة كراريس كما ذكر الذهبي في تاريخه، ونقل عنه ترجمة موسعة للقباري.
(٢) هي إحدى أصول التصوف، طبعت أول مرة بمصر سنة ١٨٦٧ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>