ثم انفصل عنه، واجتمع بشهاب الدين سام صاحب غزنة، وما انضاف إليها من بلاد الهند والسند، وأقام عنده، وجرت عليه محنة عندما هجمت الحشيشية على السلطان، فخلصه الله تعالى.
فانصرف إلى مدينة هراة، من أمهات مدن خراسان، وهي مشهورة بالعلماء والزهاد، فلزم بها التدريس والعبادة، وكانت له أوراد وصلاة وصيام، لا يخل بها إلى أن مات.
قال: ومع تبحره في العلوم الحديثة والقديمة، فكان يقول: من التزم مذهب العجائز فهو الفائز.
وهو قولٌ قد تقدَّمه إمام الحرمين إليه ونبَّه عليه، حيث قال: قلبت في علم الكلام اثنتي عشرة ألف ورقة، وإن لم يلطف الله بابن الجويني فيموت على دين العجائز، فواخيبته.
قال ابن الربيب: ومن مشهور شعره في آخر عمره قوله: شعر
إليك إله الخلق وجَّهت وجهي … وأنت الذي أدعوه في السر والجهر
وأنت غياثي عند كل ملمَّة … وأنت أنيسي حين أُفْرد في القبر
وأنشد له ابن خلكان (١)، وغيره، قوله أيضًا: شعر، ﵁
نهايةُ إقدام العقول عقالُ … وأكثر سعي العالمين ضلالُ
وأرواحنا في وحشة من جسومنا … وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا … سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
وكم قد رأينا من رجالٍ ودولةٍ … فبادوا جميعا مسرعين وزالوا