يا بانة الحيِّ قد أثمرت شمس ضحىً … جسمي نحيلٌ وقلبي منك منحولُ
أهيمُ بين صباباتي مخالسةً … من الرَّقيب ولُبِّي منه مخبولُ
أضحيت في الحب معذورًا وهل عذَلٌ … يُغني إذا خاض بحرَ الحبِّ معذول
جرى الهوى بفؤادي مذ وقفتُ بها … وروحُ وصلي بسيف الهجرِ مقتول
وحَلَّ وجدي وولَّى الصبر مرتحلًا … وعقدُ عزمي بما عاينتُ محلول
هيفا إذا ما صحت يومًا شمائلها … فقدُّها لدنه بالتِّيه مشمول
دمي بأطلالها إذ سُلَّ صارِمها … من لحظها ضاربٌ بالحُبِّ مطلولُ
قفْ فانظر البدْرَ منها فهي طلعهُ … يعلو على الشمس منها فهو إكليل
يحارُ في ذاتها من شاء يدركهُ … ويستوي سائلٌ فيه ومسئولُ
وكيف يدرك والبدر المنير بهِ … والَى التمَّام وعنه المحْقُ معزول
تجرُّ ذيل الصبا تيهًا إذا خطرت … وكلُّ حسنٍ بها في الخلقِ مفضولُ
سرى بها في فؤادي فهي ساكنةٌ … لمَّا خلا منه طرفي فهو متبول
يبكي وقد حُجِبت عنه محاسنها … ويضحكُ القلبُ إذ فيه بها السُّول
لمَّا اقتربنا تباعدنا ولا عجبٌ … شرعُ الهوى حكمه حفظٌ وتبديلُ
أمسى يرومُ خيالًا منك يطرقني … فلمَ بخلتَ ومالي عنكَ تحويلُ
ومنزلُ الوصل خالٍ من تجمُّعنا … ومنزلُ الهجر بالتَّفريقِ مأهول
والحبُّ أوله مرٌّ وأوسطهُ … حلوٌ وآخرهُ للصبِّ تعليل
علمتُ أنَّ الهوى يفنى ولذَّته … تَبْقى أسىً وحديث المرء منقولُ
قصدتُ من كلِّ خلقٍ دون رتبته … يفوقُهم منه تعظيمٌ وتبجيلُ