للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينزل لفتح السد في يوم وفاء النيل بنفسه كعادة المؤيد شيخ، ويلبس الأمراء الصوف بمطعم الطير الذى بالمطرية، ويشق القاهرة في المواكب الحافلة والأمراء قدامه ويكون له يوم مشهود، ويدير في كل سنة المحمل في رجب وتسوق الرماحة على العادة القديمة، ويصرف على ذلك جملة أموال، ويحرق بالرملة النفوط الهائلة الحافلة، وتصرف الناس في تلك الأيام أموالا لها صورة، وتعمل الأسمطة والمدات الحافلة بسبب سوق الرماحة، وكان ينزل إلى الرمايات ببركة الحب ويبات بها ويشق من القاهرة وتزين له، ويرى له المواكب حافلة والأيام المشهودة، وكانت أيامه كلها لهو وانشراح، ولم يقع في أيامه بمصر الطاعون ولا الغلاء، ولا أخرج من مصر تجريدة إلى البلاد الشامية، وكان شهماً مهاباً، حسن الهيئة، جميل الصورة، أحمر اللون (١)، مدور الوجه، شائب اللحية، طويل القامة، ضخم الجسد، فصيح اللسان بالعربى، يقرأ القرآن وله بعض اشتغال بالعلم، وكان رومى الجنس من الأرنووط، وكان ترفاً في ملبسه (٢) صنع له مهاميز وركباً من الذهب، وكان يلبس الصمور الفاخر والأقبية الصوف الأخضر ويبطنها بالمخمل الأحمر، ويلبس القمصان الحرير فى الشتاء، وكان عنده رقة حاشية ويسمع المغنا، وكان كثير النكاح غير عفيف الذيل، وكان يحب العلماء والفقراء، ويمازح ندماءه غير عبوس، وكان لا يوصف بالكرم الزائد ولا بالبخل المفرط، وهو آخر من مشى من ملوك مصر على النظام القديم وطريقة الملوك السالفة.

وأما ما عد من مساوئه فكان سريعاً لعزل أرباب الدولة ولا سيما لقضاة القضاة والمباشرين يأخذ أموالهم ويعزلهم سريعاً، ومنها قتله الجانى بك نائب جدة وتنم رصاص من غير ذنب ولم يكن جانى بك وثب عليه وكان سبباً


(١) في النجوم الزاهرة ص ٧٦١ «أبيض اللون تعلوه صفرة ذهبية حسنة».
(٢) يقول في النجوم الزاهرة ص ٧٦٠ أن السلطان خشقدم «كان متجملا في ملبسه ومركبه وشأنه إلى الغاية بحيث أنه كان لا يعجبه من البعلبكي إلا ما يزيد قيمته ثلاثين ديناراً فما بالك بالصوف والسمور وغير ذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>