للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمير كبير ياباى أحق بالسلطنة من كل أحد، فوافقه سائر الأمراء على ذلك، وقد ترشح أمر الأتابكي يلباى إلى السلطتة، فانفض المجلس على ذلك، وقامت الأمراء وتوجهوا إلى بيوتهم، وكان الأمير تمر بغا بيمهد لنفسه فقصد سلطنة يلباى حتى يشيله من قدامه ويتسلطن من بعده وكذا جرى.

فلما كان يوم السبت بعد الظهر وهو اليوم العاشر من ربيع الأول سنة اثنين وسبعين وثمانمائة، فيه كانت وفاة السلطان الملك الظاهر أبى سعيد خشقدم (١)، توفى إلى رحمة الله تعالى وزال ملكه كأنه لم يكن، فسبحان من لا يزول ملكه ولا يتغير. - فكانت مدة سلطنته بالديار المصرية والبلاد الشامية ست سنين وخمسة أشهر وأحد وعشرون يوماً بما فيه من مدة توعكه وانقطاعه … . فلما أشيع موته ماجت القاهرة وبادر الأمراء بالصعود إلى القلعة، وصعد الأتابكى يلباى وهو بتخفيفة صغيرة غير مزرر الطوق وهو يبكى، فلما تكامل صعود الأمراء أخذوا فى أسباب تجهيز السلطان فغسلوه وكفنوه وأخرجوا نعشه، وصلى عليه بباب القلة، ونزلوا به من سلم المدرج في نفر قليل من المماليك والخدام، ولم يكن معه أحد من الأمراء، فتوجهوا به إلى تربته التي أنشأها بالصحراء فدفن بها، وكان دفنه بعد العصر من يوم السبت المذكور، وانقضت أيامه كأنها لم تكن، ومات وله من العمر نحواً من سبعين سنة، وكان ملكاً جليلا كفوا للسلطنة، أدوباً حشماً، عاقلا وقوراً شجاعاً مقداماً، عارفاً بأنواع الفروسية، وكان إذا ساق الفرس لا ينفرد ذيله من تحت فخذه وهو في قوة سوقه، وكان عنده تواضع، سيوساً عند المحاكمات من غير حدة ولا بادرة، عارفاً بتدبير أحوال المملكة، ماشياً على طريقة الملوك السالفة، تابعاً لطريقة أستاذه الملك المؤيد شيخ فى عمل المواكب بالقصر والمبيت به في ليلة الإثنين والخميس، ويصعد العسكر إلى القلعة وهم بالشاش والقماش،


(١) انظر النجوم الزاهرة ص ٧٥٩ - ٧٦٢، وحوادث الدهور ص ٦٥٧ - ٦٥٩، والضوء اللامع ج ٣ ص ١٧٥ - ١٧٦ رقم ٦٨١، ونظم العقيان ص ١٠٩ - ١١٠ رقم ٧٥، وحسن المحاضرة ج ٢ ص ٨٠، وتحفة الناظرين ص ٢٠٠، وأخبار الأول ص ١٩٦، وانظر أيضاً:
Weil، Gesch.d.Abbas.Chalifat in Egypten، II، p ٢٩٠ - ٣١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>