للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سكان الجزيرة الوسطى، وصارت الأسواق والحوانيت تقفل من بعد المغرب، وتمر الوالى طائفاً بطول الليل ومعه جماعة من المماليك السلطانية وهم لابسون لامة الحرب، والمشاعلية تنادى بطول الليل بالأمان والاطمئنان، وأن أحداً لا يخرج من داره من بعد العشاء، وكان كل من رآه يمشى من بعد العشاء يقطع أذنيه ومنخاره أو يضربه بالمقارع. فاستمر الحال على ذلك نحواً من عشرين يوماً والناس فى اضطراب، وخرج الأمير قرقماس الجلب والأمير يشبك الفقيه على كره منهما، وقد نزل إليهما تانى بك المعلم (١) رأس نوبة ثانى عن لسان السلطان يحثهما فى سرعة السفر إلى جهة الصعيد فخرجا بسرعة. ثم إن السلطان وجد فى نفسه بعض نشاط فجلس متسنداً بين المخدات وقدمت إليه العلامة فعلم بيده نحو سبعة مراسيم حتى يشاع ذلك بين الناس، فضربت البشائر في ذلك اليوم بالقلعة، وتخلق جماعة السلطان بالزعفران، وكل ذلك إشاعات فاسدة، والموت حايط بالسلطان من كل جانب. فلما بات تلك الليلة تجدد عليه منع الأكل وعجز عن الحركة وصار كالخشبة الملقاة. فلما أصبح نادي بخروج العسكر المعين إلى الصعيد وتهديد من لم يخرج من العسكر بالشنق، وكل ذلك بترتيب الأمير خاير بك الدوادار. ثم قويت الإشاعة بأن السلطان في النزع وقد جد في السياق، وكانت علته حمى كبدية، فلما تحقق الأمراء ذلك اجتمعوا (٢) في المقعد الذي بباب السلسلة عند المقر الشهابي أحمد بن العينى أمير آخور كبير، فاجتمع الأتابكي يلباى رأس المؤيدية، والمقر السيفى تمر بغا أمير مجلس رأس الظاهرية، وحضر الأمير خاير بك الدوادار الثانى وهو رأس الخشقدمية وقد صار المشار إليه فى المجلس، وحضر جماعة من الأمراء المقدمين، فاشتوروا فيمن يلى السلطنة إذا مات السلطان، فصار جماعة من الخشقدمية مع ابن العيني، وجماعة مع خاير بك، فطال الكلام فى ذلك، فقال الأمير تمر بغا إن


(١) انظر النجوم الزاهرة ص ٧٥٤ - ٧٥٥.
(٢) في يوم السبت عاشره - المرجع السابق ص ٧٥٧ - ٧٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>