السيد الشريف حسام الدين بن حريز، والقاضي الحنبلي عز الدين، فتوجهوا إلى المقياس وأقاموا به ثلاثة أيام فلم يزد النيل شيئاً، وفي ذلك يقول القائل:
ولقد عهدت النيل سُنّياً يرى … عمراً ويتبع أمره تسديدا
والآن أضحى في الورى متشيعاً … متوقفاً ما أن يُحبّ يزيدا
وقد قيل:
للنيل أكبر آية … لا يدعيها مُدَّعى
كَمْ ذَا تقيس له الذراع … وما ينحني عِمَّا جَاءَ أصبع
فلما رجعوا إلى دورهم صار تمر والى القاهرة يكبس أماكن المفترجات ويكف الناس عن المعاصى. - ثم فى يوم الجمعة كبس بولاق فوجد بها خيام كثيرة فمسك من بها من الناس، وكان من جملتهم ابن قاضي القضاة شمس الدين القاياتي في خيمة هناك هو وعياله على هيئة مرضية، فقبضوا عليه وأركبوه على حمار وشقوا به من القاهرة مع جملة من شهر من رجال ونساء والمشاعلية تنادى عليهم، فشق ذلك على القضاة ومشايخ العلم وكادت أن تنتشى من ذلك فتنة كبيرة، ودخلوا مشايخ العلم إلى بيت تمر الوالى وهو جالس في مقعدة فبهدلوه بالكلام الفاحش حتى صار يتدارى منهم السكوت، فلما بلغ السلطان ذلك وبخ تمر الوالى بالكلام ثم أصلح بينه وبين ابن القاياتي. - واستمر النيل فى توقف، ثم إن السلطان بعث إلى الشيخ أمين الدين الأقصراى يستفتيه فى أمر النيل فأشار الشيخ أمين الدين بأن تجمع بنو العباس من كبير وصغير ويضعون في أفواههم شيئاً من الماء ثم يمجونه في إناء ويصبونه في فسقية المقياس، فرسم السلطان لبنى العباس بذلك، فاجتمعوا عند العزى عبد العزيز بن أخى الخليفة وكان ساكناً بمصر العتيقة على البحر وفعلوا ما قاله الشيخ أمين الدين الأقصراى وصبوا ذلك الماء في فسقية المقياس، فما عن قريب حتى زاد واستمرت الزيادة حتى أوفى. - ثم إن قاضي القضاة علم الدين صالح البلقيني توجه الى المقياس للاستسقاء