للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقام به أياماً فزاد النيل أصبعين - فلما طلع ابن أبى الرداد وبشر السلطان بذلك فألبسه سلارى صوف بسنجاب من ملابسه - ثم إن القاضي علم الدين البلقيني رجع من المقياس وشق من القاهرة وقدامه رايات زعفران وانطلق له النساء من الطيقان بالزغاريت وتفاءلوا بتوجهه إلى المقياس (١) وكان منفصلا عن القضاء فعاد إليها عن قريب، فلما وقع ذلك من أمر الزيادة لما توجه القاضي علم الدين إلى المقياس وزاد النيل بقدومه، فشق ذلك على قاضى القضاة يحيى المناوى كونه توجه إلى المقياس ولم يزد النيل، ثم صارت الزيادة عمالة إلى أن أوفى فى أواخر مسرى وأعان الله تعالى ومن على الناس بالوفاء، وفى ذلك يقول الشيخ جلال الدين الأسيوطى:

عاتبت هذا النيل في ترك الوفا … فأجابني حالا بغير توقف

سأفى وإن خانوا وأصفح عنهم … ما كدت أفسده ومثلى من يف

وقال آخر:

سد الخليج بكسره جبر الورى … طراً فكل قد غدا مسرورا

البحر سلطان فكيف تواترت … عنه البشاير إذ غدا مكسورا

وفي المعنى:

لو نطق النيل قال قولا … يشفى به غاية الشفاء

قد كثر الغدر فاعذروني … لما توقفت في الوفاء

وفيه (٢) خرج الحاج من القاهرة فى تجمل زائد، وكان أمير ركب


(١) كتب المؤلف بخط يده ما يأتى على ورقة صغيرة - رقم ٥٥ في المخطوط - وألصقها هنا إلى جانب متن الأصل: «ومن النوادر الغريبة أن قاضي القضاة علم الدين صالح البلقيني لما توجه إلى المقياس فأقام به أياما والنيل لم يزد شيئاً، فهم بالعود إلى داره وقد تقلق من الإقامة في قاعة المقياس فعزم على العود إلى داره، فقال له ابن أبى الرداد لا تعجل واصبر على ثلاثة أيام لعل يزيد النيل، فقال له القاضى علم الدين البقلينى ومن أين لك هذا العلم، قال قد مرت اليوم على سحابة وهى معمرة بالمطر وبعد ثلاثة أيام يأتيني خبرها، فلما مضت ثلاثة أيام زاد الله في النيل المبارك أصبعين ونودى بها، فرجع القاضي علم الدين وهو مجبر القلب بهذه الزيادة، انتهى ذلك».
(٢) في يوم الخميس ١٧ من شوال - النجوم الزاهرة ص ٧٠٩، وانظر حوادث الدهور ص ٤٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>