للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بهذين البيتين من شعره:

يا قبر لا تظلم عليه فطالما … جلى بطلعته دجى الإظلام

طوبى لقبر قد حواه كيف لا … يحكى السماء وفيه بدر تمام

نجده يقول عن هذا السلطان «وسار في المملكة أقبح سيرة … وليس له من المحاسن إلا القليل» وينظم فيه هذين البيتين:

سلطاننا الناصر المفدى … أخباره نقلها صحيح

بالجهل أضحى قبيح فعل … فلم يفد شكله المليح

ويدل هذا على أن ابن إياس لم تكن له أية صلة رسمية بالبلاط السلطاني في أى وقت من الأوقات (١)، وأنه لم يكن من المقربين لأحد من السلاطين يحظى بمقابلته والتحدث إليه (٢) فيؤثر هذا في شخصيته الحرة وما هو معروف به من الروية والتبصر والاتزان في أحكامه ونقده.

وعلى ذكر نظم ابن إياس للشعر - وهي ظاهرة كانت شائعة بين مؤرخي ذلك العصر (٣) - نلاحظ أن أول أبيات من نظمه ذكرها في تاريخه «بدائع الزهور» كانت بمناسبة قدوم الأمير جم (الجمجمة) بن عثمان إلى مصر في شهر شعبان سنة ٨٨٦ (١٤٨١) فقال (٤) «فى المعنى» يمدح السلطان الأشرف قايتباي:


(١) وهذا ينفي أن ابن إياس تقلد وظيفة مؤرخ الدولة في الحكومة المملوكية (Historiographer) أو أنه كتب تاريخه على نمط مؤرخي الدولة أو بأسلوبهم - انظر: الدكتور زيادة بك، المؤرخون في مصر ص ٥٠؛ Margoliouth، Lectures، p. ١٥٩; Brockelmann، Suppl.Bd.II، ٤٠٥ .
(٢) تقلد بعض المؤرخين المعاصرين لابن إياس وظائف في البلاط السلطاني أتاحت لهم مقابلة السلطان والتحدث إليه، وإننا نذكر هنا على سبيل المثال ما رواه أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي في كتابه حوادث الدهور (ص ٤٧٤ - ٤٧٦) عن تجربة مدفع جديد أجريت أمام السلطان الظاهر خشقدم يوم الثلاثاء ١٤ من شوال سنة ٨٦٨ ويقول أبو المحاسن «وقد سألنى السلطان عن أمره ومسافة سقوط حجر المدفع فعرفته أني لم أحرره فسألنى أن أحرره في المرة الثالثة». وهذا يدل على صلة أبى المحاسن بالسلطان بحكم وظيفته. ولم يذكر ابن إياس أبداً أن أحداً من السلاطين تحدث إليه.
(٣) الدكتور زيادة بك، المؤرخون في مصر ص ٨٤.
(٤) ج ٣ ص ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>