للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتبه (١) بمناسبة أن السلطان الغورى فى جمادى الآخرة سنة ٩١٤ (١٥٠٨). «شرع يخرج إقطاعات أولاد الناس من أجناد الحلقة وغير ذلك وصار ينعم بها على المماليك بمكاتبات فحصل للناس الضرر الشامل ولا سيما أولاد الناس الذين كان المماليك يهجمون عليهم في بيوتهم ويأخذون منهم مناشيرهم غصباً ويبهدلونهم بالضرب» ثم يقول ابن إياس عن نفسه «وأنا من جملة من وقع له ذلك وخرج إقطاعى لأربعة من المماليك» ونظم في ذلك هذين البيتين:

يا مالك الملك يا من بالعباد ألطف … دبر عبيدك وأصلح دولة الأشرف

كم من أقاطيع أخرجها وما أنصف … وأطغى المماليك ذا يهجم وذا يخطف

«ولكن أعان الله تعالى» وأعيد إليه إقطاعه فى السنة التالية بعد أن وقف للسلطان بقصة فى الميدان الجديد الذي أنشأه بالقلعة، ويقول ابن إياس «وحصل لى منه (السلطان) غاية الجبر ونصرنى على المماليك الذين كانوا أخذوا إقطاعي، فعند ذلك امتدحته بهذه القصيدة وذكرت فيها أشياء كثيرة مما وقع له من المحاسن وقدمتها إليه على يد شخص من خواصه» ثم أورد قصيدة من ٣٥ بيتاً مطلعها:

بالأشرف الغورى المفدا … أصبح ثغر الزمان باسم

يا قانصوه العلى قدرا … فقت على من مضى وقادم

ويتبين مما تقدم أن ابن إياس كان يعتمد في معيشته على دخله من إقطاعه الوافر، الذي أمكن أن يقتسمه أربعة من المماليك، وأنه حزن لفقد هذا المورد الرئيسي، وأنه كان ينظم الشعر تارة لنقد أعمال السلطان وأخرى ليمدحه به، أي أنه كان حراً فى كتابته أميناً فى رسالته، لا تؤثر فيه عوامل الظروف أو المناسبات، صوفى النزعة، يحفظ الجميل ولا يحمل الضغينة لأحد أساء إليه بل يعترف بالحق ويشيد به. وهذا ما نلاحظه في كتابته عن جميع السلاطين الذين عاصرهم والذين توالوا على الحكم فى مصر مدة حياته، فإنه يسجل لهم «محاسنهم» كما يعد عليهم «مساوئهم» فبينما نراه يرثى (٢) السلطان الناصر محمد بن قايتباى


(١) ج ٤ ص ١٣٦، ١٥٠، ١٧٣.
(٢) ج ٣ ص ٣٩٣، ٣٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>