للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النار تعمل في البيوت نحواً من أسبوع، وكان قد كثر الفسق والفساد ببولاق جداً حتى خرج الناس في ذلك عن الحد، ومن يومئذ تلاشى أمر بولاق وانحط قدرها وكانت من أجل مفترجات الديار المصرية، وكانت هذه الواقعة ابتداء الحريق الذى وقع بعد ذلك بالقاهرة وصار في كل ليلة ونهار يقع الحريق بمصر والقاهرة فى أماكن شتى ولا كان يعلم ما سبب ذلك ولا من كان يفعل هذه الفعال وكثر في ذلك القال والقيل، ووقع في أمر هذا الحريق نوادر وعجائب وغرائب لم يسمع بمثلها قط، وافتقر بسبب ذلك خلق كثير من التجار وغيرها من كثرة حرق البيوت والدكاكين وكان هذا انتقاماً من الله تعالى لأهل مصر، وفي ذلك يقول الشهاب المنصوري:

طفى على مصر وسكانها … فالدمع من عينى لهذا طليق

ما شاهدوا الحشر ولا هوله … فكيف قد ذاقوا عذاب الحريق

وفيه (١) توفى الشيخ نجم الدين بن النبيه وهو محمد بن محمد بن محمد القرشى الشاذلى الشافعى، وكان من أعيان نواب الشافعية وولى أمانة الحكم، وكان عالماً فاضلا عارفاً بصنعة التوقيع وله نظم جيد ومولده سنة سبع وثمانين وسبعمائة، ومن شعره الرقيق قوله:

أقسمت بالله لا بالذاريات ولا … بالعاديات ولا بالفجر والغسق

إنى أحبك لا أرجو نداك ولا … أخشى أذاك ولا ألقاك بالملق

إلا محبة عبد يرتجى أبداً … أن لا يفارق رؤيا وجهك الطلق

وفى رجب (٢) أدير المحمل على العادة وساقت الرماحة أحسن سوق، وكان معلم الرماحة جانى بك الظريف، ولكن حصل من المماليك غاية الأذى في تلك الأيام من خطف النساء والمرد وخطف العمائم وغير ذلك. -


(١) «مات في رجب» - الضوء اللامع ج ٩ ص ٢٦٩ - ٢٧١ رقم ٧٠٤.
(٢) في يوم الإثنين ١٦ منه - حوادث الدهور ص ٣١٦، والنجوم الزاهرة ص ٥٠٧/ ٥٠٨ حيث يقول إن السلطان رسم بإبطال «عفاريت المحمل» لما كان يقومون به من سلب نهب

<<  <  ج: ص:  >  >>