للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقتل في هذه المدة من الناس ما لا يحصى وآخر الأمر انكسر الملك المنصور وملك أينال باب السلسلة، فلما استقر بباب السلسلة بعث جماعة من الأشرفية قبضوا على الملك المنصور وقيدوه وأدخلوه البحرة (١)، وقبضوا على جماعة من الأمراء الظاهرية، فبات ليلة الاثنين في باب السلسلة. فلما كان يوم الاثنين أحضر إليه شعار الملك وأفيض عليه، وقدمت إليه فرس النوبة فركب من سلم الحراقة، وحمل القبة والطير على رأسه ولده المقر الشهابي أحمد (٢)، ومشت قدامه الأمراء حتى طلع من باب سر القصر الكبير، وجلس على سرير الملك، وباس له الأمراء الأرض، ودقت له البشائر بالقلعة، ونودى باسمه فى القاهرة، وارتفعت له الأصوات بالدعاء من الخاص والعام.

أقول: وكان أصل الملك الأشرف أينال (٣) جركسي الجنس، جلبه الخواجا علاى الدين على فاشتراه منه الملك الظاهر برقوق (٤)، وصار من جملة كتابيات (٥) السلطان، فلما توفى الملك الظاهر برقوق وتولى ابنه الملك الناصر فرج فأعتقه وأخرج له خيلا وقماشاً وبقى جمدارا، ثم


(١) قاعة البحرة -
انظر: G.Wiet، Notes d'épigraphie، III، Syria، VII، ١٩٢٦، p. ١٦٧، No. ٢.
(٢) يحمل أتابك العساكر «القبة والطير» على رأس السلطان فى المواكب الرسمية، وكانت العادة عندما يتولى سلطان جديد أن يحملهما على رأسه فى أول موكب رسمى الأمير المرشح لوظيفة الأتابكية، وهذا ما كان هنا إذ أن السلطان أينال أراد فى أول الأمر أن يعين ولده في الأتابكية ولكنه عدل عن ذلك إزاء تذمر الأمراء، ثم عينه فيما بعد فى شهر ذي القعدة سنة ٨٦٢.
(٣) في النجوم الزاهرة ص ٤٢٢ «وكان اسم أينال غير أينال فاستقر أينال» -
انظر عن أسماء المماليك: Mostafa، Beitraege، p. ٢٠٩.
(٤) «في حدود سنة ٧٩٩ تخمينا» - النجوم الزاهرة ص ٤٢٢.
(٥) في النجوم الزاهرة ص ٤٢٢ «ودام أينال هنا كتابيا بطبقة الزمام» و «المماليك الكتابية» هم المماليك التلاميذ الذين يتعلمون ويتدربون في طباق مدرسة المماليك بالقلعة،
انظر: Mostafa، Beitraege، p. ٢١٢، n. ٢. ويشبههم القلقشندي في صبح الأعشى (ج ٣ ص ٤٨١) بصبيان الحجر فى الدولة الفاطمية حيث يقول: إن صبيان الحجر كانوا يقيمون «في حجر منفردة لكل حجرة منها اسم يخصها، يضاهون مماليك الطباق السلطانية الآن المعبر عنهم بالكتابية».
وأنظر أيضا الخطط للمقريزى طبعة بولاق ج ١ ص ٤٤٣. وراجع: بعض ملاحظات جديدة في تاريخ دولة المماليك بمصر للدكتور محمد مصطفى زيادة، ص ٨٨ حاشية ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>