للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في جمادى الآخرة وأقام بمكة حتى رجع مع الحاج. وفيه خرجت التجريدة المعينة إلى العقبة ولاقاهم من هناك نائب الكرك بلاط ونائب غزة أينال الأشقر.

وفى صفر ثقل السلطان فى المرض ولزم الفراش، فلما كان يوم الجمعة (١) خرج إلى صلاة الجمعة غصباً وقد ظهر عليه غبرة الموت، فخطب القاضي ولي الدين الأسيوطي خطبة مختصرة وخفف في الصلاة، فلما فرع من الصلاة وقام كاد أن يقع في أثناء صحن الجامع حتى أدركوه وحملوه من تحت إبطه حتى دخل إلى دور الحرم، فكانت الخطبة والصلاة في نحو من أربعة درج فكثر القال والقيل بموته، وكان ذلك آخر رؤية العسكر له ولم يخرج من دور الحرم بعد ذلك إلا ميتاً، ثم إن الخدمة بعد ذلك صارت تقام بقاعة البيسرية إلى أن مات كما يأتى الكلام على ذلك في موضعه. - فلما تزايد الأمر بالسلطان ظن أن الحكماء قد قصروا في طبه فتنازق (٢) عليهم ووعدهم بالتوسيط كما فعل الأشرف برسباي بالريس خضر وابن العفيف، ففي تلك الليلة هرب أحد رؤساء الطب وهو شخص يقال له محب الدين (٣) فاختفى أياماً ثم قبض عليه وسجن بالبرج الذى بالقلعة، فأقام أياماً حتى شفع فيه ابن العيني فأطلق ولزم داره بطالا.

وفي ربيع الأول لم يصعد أحد من القضاة إلى القلعة للتهنئة بالشهر على العادة لانقطاع السلطان عن الناس في أول هذا الشهر، فزاد القال والقيل وتعطلت أحوال الدواوين من قلة الواردين من البلاد الشرقية والغربية، وامتنعت العلامة من ديوان الإنشاء لقلة كتابة السلطان. ثم إن السلطان نزل بفرس من الإسطبل السلطاني وعرضه للبيع على جماعة من الأمراء، فاشتراه المقر الشهابي أحمد بن العيني بخمسمائة دينار وقيل بل اشتراه بألف دينار، فتصدق بها السلطان عنه في هذا المرض. وكانت هذه عادة قديمة عند السلاطين.


(١) ١١ منه - النجوم الزاهرة ص ٧٥٠ - ٧٠١.
(٢) تنازق من نزق أى طاش وثار.
(٣) انظر حوادث الدهور ص ٥٤٩. ٥٥٠ - .

<<  <  ج: ص:  >  >>