للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الميتة إلا السلطان كونها خرجت من عندهم يوم السبت، فلما طلع ابن الديرى يوم أحد إلى العلامة استقبله السلطان وقال له: ياقاضي في أي حديث ورد عن النبي أن الميت إذا خرج من عند أحد يوم السبت يعقبه أحد كبير، فذاق ابن الديرى هذا الكلام وعلم أن ناقله الأمير جانى بك فسكت ولم يرد الجواب عن ذلك، ثم إن السلطان قال له الزم بيتك ولا تبق ترنى وجهك، فنزل إلى بيته معزولا (١)، وكانت مدة مدة إقامته في كتابة السر خمسة عشر يوماً، وقد سعى فيها بثمانية آلاف دينار فخسر ذلك بكلمة، وهذا آفة الكلام في غير مستحقه وقد نهى بعض الحكماء عن كثرة الكلام من غير فائدة، وقد قال بعضهم:

أقلل كلامك واستعذ من شره … إن البلاء ببعضه مقرون

واحفظ لسانك واحترز من غيه … حتى تكون كأنه مسجون

وقال آخر:

أنت من الصمت آمن الزلل … ومن كثير الكلام في وجل

لا تقل القول ثم تتبعه … ياليت ما كنت قلت لم أقل

وقال آخر:

العقل زين والسكوت سلامة … فإذا نطقت فلا تكن مكثارا

ما أن ندمت على سكوتي مرة … ولقد ندمت على الكلام مرارا

وقال آخر:

إن كان من فضة كلامك يا … نفسى فإن السكوت من ذهب

وقد قيل:

الباز تحمله الملوك لصمته … ولصوته يؤذى الهزار ويحبس

وفيه (٢) كان وفاء النيل المقدم ذكر ذلك، ونزل الأمير قائم التاجر أمير مجلس وفتح السد على العادة وكان له يوم مشهود، وكان الوفاء ثامن


(١) انظر النجوم الزاهرة ص ٧١٠ - ٧١١، وحوادث الدهور ص ٤٣٢.
(٢) في يوم الأربعاء ١٥ من ذي القعدة - حوادث الدهور ص ٤٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>