للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثلاثة أيام، ثم عادوا إلى مرج عكا بالغنائم والسبى، وهلك من المسلمين خلق كثير فاستراح الفرنج بالمرج أياما، ثم عادوا ثانيا ونهبوا صيدا والشقيف، وعادوا إلى مرح عكا فأقاموا به.

وكان ذلك كله فيما بين النصف من شهر رمضان وعيد الفطر، والملك العادل مقيم بمرج الصفر، وسير ابنه المعظم عيسى بعسكر إلى نابلس لمنع الفرنج من طروقها والوصول إلى بيت المقدس.

فنازل الفرنج قلعة الطور سبعة عشر يوما ثم عادوا إلى عكا وعزموا على قصد الديار المصرية فركبوا بجموعهم البحر، وساروا إلي دمياط فى صفر فنزلوا عليها يوم الثلاثاء رابع ربيع الأول سنة خمس عشرة وستمائة الموافق لثامن حزيران - وهم نحو السبعين ألف فارس وأربعمائة ألف راجل، فخيموا تجاه دمياط فى البر الغربى، وحفروا على عسكرهم خندقا، وأقاموا عليه سورا وشرعوا فى قتال برج دمياط، فإنه كان برجا منيعا فيه سلاسل من حديد غلاظ تمد على النيل لتمنع المراكب الواصلة فى البحر الملح من الدخول إلي ديار مصر فى النيل.

وكان هذا البرج مشحونا بالمقاتلة، فتحيل الفرنج عليه، وعملوا برجا من الصوارى على بسطة كبيرة، وأقلعوا بها حتى أسندوها إليه وقاتلوا من به حتى أخدوه فبلغ نزول الفرنج على دمياط الملك الكامل - وكان يخلف أباه الملك العادل فعند ذلك توجه الملك الكامل لمحاربة الفرنج، وكان معه جيش عظيم، وكان فيهم شخص يسمى شمايل وهو من الجندارية وكان يمشى فى ركاب الملك الكامل إلى أن دخل دمياط، فكان يسبح فى الماء ويأتى للسلطان بأخبار الفرنج، فحظى بذلك عند الملك الكامل، وقرب منه إلى أن عمله وإلى القاهرة، وإليه تنسب خزانة شمايل الذى كانت بالقاهرة، ولم يزل الحال على ذلك مع الفرنج إلى أن دخلت سنة ست عشر وستمائة، فجهز الملك المنصور صاحب حماه أبنه المظفر محمود إلي مصر نجدة للملك الكامل على قتال الفرنج فى جيش كثيف، فوصل إلى العسكر وتلقاه الملك الكامل وأنزله ميمنته العسكر، وكان بثغر دمياط من العساكر نحو العشرين ألف مقاتل غير أهل النواحى فعند ذلك غلت عندهم أسعار حتى بلغت بيضة الدجاجة دينارا وامتلأت الطرقات بالموتى من الجوع وعدمت الأقوات وصارت السكر كعزة الياقوت. وكان مدة المحاصرة مع الفرنج ست عشر شهرا وأثنين وعشرون يوما، فعند ذلك استولى الفرنج على دمياط وملوكها

<<  <   >  >>